وَأَرْبَعُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ بِثَلَاثِمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ، وَفَضْلُهَا عَظِيمٌ.
وَأَرْبَعُ صَلَاةِ الْحَاجَةِ، قِيلَ وَرَكْعَتَانِ. وَفِي الْحَاوِي أَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ، وَبَسَطْنَاهُ فِي الْخَزَائِنِ.
ــ
[رد المحتار]
إلَى قَوْلِهِ - {يُعْلِنُونَ} [القصص: ٦٩]- وَفِي الثَّانِيَةِ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} [الأحزاب: ٣٦] الْآيَةَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَرِّرَهَا سَبْعًا، لِمَا رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ «يَا أَنَسُ إذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّك فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الَّذِي سَبَقَ إلَى قَلْبِك فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ: الْمَسْمُوعُ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ رَأَى مَنَامَهُ بَيَاضًا أَوْ خُضْرَةً فَذَلِكَ الْأَمْرُ خَيْرٌ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ سَوَادًا أَوْ حُمْرَةً فَهُوَ شَرٌّ يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ اهـ.
مَطْلَبٌ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ.
(قَوْلُهُ وَأَرْبَعُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ إلَخْ) يَفْعَلُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ مَرَّةً، وَإِلَّا فَفِي كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ الْعُمُرِ، وَحَدِيثُهَا حَسَنٌ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ. وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ وَضْعَهُ، وَفِيهَا ثَوَابٌ لَا يَتَنَاهَى وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: لَا يَسْمَعُ بِعَظِيمِ فَضْلِهَا وَيَتْرُكُهَا إلَّا مُتَهَاوِنٌ بِالدِّينِ، وَالطَّعْنُ فِي نَدْبِهَا بِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لِنُظُمِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا فَإِذَا ارْتَقَى إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ أَثْبَتَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ، وَهِيَ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ، يَقُولُ فِيهَا ثَلَثَمِائَةِ مَرَّةٍ «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ» وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» يَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ مَرَّةً؛ فَبَعْدَ الثَّنَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَفِي رُكُوعِهِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ، وَكُلٍّ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي الْجَلْسَةِ بَيْنَهُمَا عَشْرًا عَشْرًا بَعْدَ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ هِيَ الَّتِي رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَحَدِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي شَارَكَهُ فِي الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالْوَرَعِ، وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي الْقُنْيَةِ وَقَالَ إنَّهَا الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْقِيَامِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَرَّةً بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَحَدِيثُهَا أَشْهَرُ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: إنَّ الصِّفَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْمُبَارَكِ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَذْهَبِنَا لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ فِيهَا إلَى جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ إذْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَنَا. اهـ.
قُلْت: وَلَعَلَّهُ اخْتَارَهَا فِي الْقُنْيَةِ لِهَذَا، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ ثُبُوتَ حَدِيثِهَا يُثْبِتُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ، فَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِعْلُ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ مَرَّةً.
[تَتِمَّةٌ] قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ تَعْلَمُ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ سُورَةً قَالَ: التَّكَاثُرُ وَالْعَصْرُ وَالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَفْضَلُ نَحْوُ الْحَدِيدِ وَالْحَشْرِ وَالصَّفِّ وَالتَّغَابُنِ لِلْمُنَاسَبَةِ فِي الِاسْمِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ: يَبْدَأُ بِتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ بِالتَّسْبِيحَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَقَالَ الْمُعَلَّى: يُصَلِّيهَا قَبْلَ الظُّهْرِ هِنْدِيَّةٌ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. وَقِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: لَوْ سَهَا فَسَجَدَ هَلْ يُسَبِّحُ عَشْرًا عَشْرًا قَالَ: لَا إنَّمَا هِيَ ثَلَثُمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ. قَالَ الْمُلَّا عَلِيٌّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ سَهَا وَنَقَصَ عَدَدًا مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، يَأْتِي بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ تَكْمِلَةً لِلْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ اهـ.
قُلْت: وَاسْتُفِيدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَهَا فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا تَرَكَ فِيمَا يَلِيهِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَصِيرٍ فَتَسْبِيحُ الِاعْتِدَالِ يَأْتِي بِهِ فِي السُّجُودِ، أَمَّا تَسْبِيحُ الرُّكُوعِ فَيَأْتِي بِهِ فِي السُّجُودِ أَيْضًا لَا فِي الِاعْتِدَالِ لِأَنَّهُ قَصِيرٌ.
قُلْت: وَكَذَا تَسْبِيحُ السَّجْدَةِ الْأُولَى يَأْتِي بِهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا فِي الْجِلْسَةِ لِأَنَّ تَطْوِيلَهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute