(وَتُفْرَضُ الْقِرَاءَةُ) عَمَلًا (فِي رَكْعَتَيْ الْفَرْضِ) مُطْلَقًا أَمَّا تَعْيِينُ الْأُولَيَيْنِ فَوَاجِبٌ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْوَاجِبَاتِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَا يَعُدُّ التَّسْبِيحَاتِ بِالْأَصَابِعِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَحْفَظَ بِالْقَلْبِ وَإِلَّا يَغْمِزُ الْأَصَابِعَ. وَرَأَيْت لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ طُولُونَ الدِّمَشْقِيِّ الْحَنَفِيِّ رِسَالَةً سَمَّاهَا [ثَمَرُ التَّرْشِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ] بِخَطِّهِ أَسْنَدَ فِيهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: أَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك تَوْفِيقَ أَهْلِ الْهُدَى، وَأَعْمَالَ أَهْلِ الْيَقِينِ، وَمُنَاصَحَةَ أَهْلِ التَّوْبَةِ، وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ، وَجِدَّ أَهْلِ الْخَشْيَةِ، وَطَلَبَ أَهْلِ الرَّغْبَةِ، وَتَعَبُّدَ أَهْلِ الْوَرَعِ، وَعِرْفَانَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى أَخَافَك. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مَخَافَةً تَحْجِزُنِي عَنْ مَعَاصِيك حَتَّى أَعْمَلَ بِطَاعَتِك؛ وَعَمَلًا أَسْتَحِقُّ بِهِ رِضَاك، حَتَّى أُنَاصِحَكَ بِالتَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْك، وَحَتَّى أُخْلِصَ لَك النَّصِيحَةَ حُبًّا لَك، وَحَتَّى أَتَوَكَّلَ عَلَيْك فِي الْأُمُورِ حُسْنَ ظَنٍّ بِك، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ ". اهـ.
مَطْلَبٌ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَرْبَعُ صَلَاةِ الْحَاجَةِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الْحَاجَةِ، ذَكَرَهَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمُلْتَقَطِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَكَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى وَالْحَاوِي وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ. أَمَّا فِي الْحَاوِي فَذَكَرَ أَنَّهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا بِمَا فِيهِ كَلَامٌ. وَأَمَّا فِي التَّجْنِيسِ وَغَيْرِهِ، فَذَكَر أَنَّهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْفَاتِحَةَ مَرَّةً وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ ثَلَاثًا، وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً كُنَّ لَهُ مِثْلَهُنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: صَلَّيْنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ فَقُضِيَتْ حَوَائِجُنَا مَذْكُورٌ فِي الْمُلْتَقَطِ وَالتَّجْنِيسِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَأَمَّا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فَذَكَرَ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ، وَالْأَحَادِيثُ فِيهَا مَذْكُورَةٌ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَتْ لَهُ إلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُحْسِنْ الْوُضُوءَ ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لْيُثْنِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ، لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته، وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَك رِضًا إلَّا قَضَيْتهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» . اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ عَقَدَ فِي آخِرِ الْحِلْيَةِ فَصْلًا مُسْتَقِلًّا لِصَلَاةِ الْحَاجَةِ، وَذَكَرَ مَا فِيهَا مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ وَالرِّوَايَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ وَأَطَالَ وَأَطَابَ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ.
[خَاتِمَةٌ] يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُ بِالْقَتْلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَهُمَا لِيَكُونَ آخِرُ عَمَلِهِ الصَّلَاةَ وَالِاسْتِغْفَارَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ عَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ: مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ التَّوْبَةِ وَصَلَاةُ الْوَالِدَيْنِ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي السِّرِّ لِدَفْعِ النِّفَاقِ وَالصَّلَاةُ حِينَ يَدْخُلُ بَيْتَهُ وَيَخْرُجُ تَوَقِّيًا عَنْ فِتْنَةِ الْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ عَمَلًا) أَيْ تُفْرَضُ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لَا الِاعْتِقَادِ أَيْضًا، فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهَا؛ فَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِمَا سُنَّةٌ. وَعِنْدَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَزُفَرَ وَالْمُغِيرَةِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فَرْضٌ فِي رَكْعَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ: فَرْضٌ فِي ثَلَاثٍ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فَرْضٌ فِي الْأَرْبَعِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ وَوَاحِدَةٍ ط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute