للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَشْهُورِ (وَكُلُّ النَّفْلِ) لِلْمُنْفَرِدِ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ، لَكِنَّهُ لَا يَعُمُّ الرُّبَاعِيَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ، فَتَأَمَّلْ (وَ) كُلُّ (الْوِتْرِ) احْتِيَاطًا.

(وَلَزِمَ نَفْلٌ شَرَعَ فِيهِ) بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَوْ بِقِيَامِ الثَّالِثَةِ شُرُوعًا صَحِيحًا (قَصْدًا)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَقَدْ تُفْرَضُ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا بِرَكْعَتَيْنِ، وَأَشَارَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهَا فِي الْأُولَيَيْنِ فَرْضٌ، وَمَا قِيلَ إنَّهَا فِيهِمَا أَفْضَلُ، لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْضِيَّةِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ، وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَهُ هُنَاكَ فَافْهَمْ.

(قَوْلُ لِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَالْإِمَامِ، لِانْفِرَادِهِ بِرَأْيِهِ، وَكَوْنِهِ غَيْرَ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ، فَخَرَجَ الْمُقْتَدِي فَلَا تُفْرَضُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي النَّفْلِ وَلَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِمُفْتَرِضٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلُ لِلُزُومِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ النَّفْلِ قَاصِرٌ لَا يَعُمُّ الرَّبَاعِيَةَ الْمُؤَكَّدَةَ، لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى مِنْهَا وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ. وَلَوْ كَانَ كُلُّ شَفْعٍ مِنْهَا صَلَاةً لَصَلَّى وَاسْتَفْتَحَ؛ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ.

وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَاكَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا لِتَأَكُّدِهَا أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ، يَعْنِي أَنَّ الْقِيَاسَ فِيهَا ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ رُوعِيَ فِيهَا الْجَانِبَانِ فَأَوْجَبُوا الْقِرَاءَةَ فِي كُلِّ رَكَعَاتِهَا. وَالْعَوْدَ إلَى الْقَعْدَةِ إذَا تَذَكَّرَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْقِيَامِ قَبْلَ السُّجُودِ، وَقَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ لَوْ أَفْسَدَهَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي نَظَرًا لِلْأَصْلِ، وَمَنَعُوا مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ نَظَرًا لِلشَّبَهِ كَمَا فَعَلُوا فِي الْوِتْرِ. عَلَى أَنَّ كَوْنَ النَّفْلِ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. بَلْ مِنْ بَعْضِ الْأَوْجُهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تَصِحَّ رَبَاعِيَةٌ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى مِنْهَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَنَّهَا تَصِحُّ اعْتِبَارًا لَهَا بِالْفَرْضِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، نَعَمْ لَوْ تَطَوَّعَ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَمَانٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ سِتٌّ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا بِقَعْدَةٍ، فَيَعُودُ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْقِيَاسِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَسَيَأْتِي فِيهِ تَصْحِيحُ خِلَافِهِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ نَفْلٌ إلَخْ) أَيْ لَزِمَ الْمُضِيُّ فِيهِ، حَتَّى إذَا أَفْسَدَهُ لَزِمَ قَضَاؤُهُ أَيْ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ عَلَى مَا يَأْتِي، ثُمَّ هَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَقَامُ لَهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: اعْلَمْ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي نَفْلِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَيَتَوَقَّفُ ابْتِدَاؤُهَا عَلَى مَا بَعْدَهُ فِي الصِّحَّةِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ إتْمَامِهِ وَقَضَائِهِ إنْ فَسَدَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَكَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالنَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ، فَخَرَجَ الْوُضُوءُ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَسَفَرُ الْغَزْوِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ، وَخَرَجَ مَا لَا يَتَوَقَّفُ ابْتِدَاؤُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ فِي الصِّحَّةِ نَحْوُ الصَّدَقَةِ وَالْقِرَاءَةِ، وَكَذَا الِاعْتِكَافُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَدَخَلَ فِيهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالطَّوَافُ وَالِاعْتِكَافُ عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ.

[تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ الصَّحِيحِ وَإِنْ أَفْسَدَهُ لِلْحَالِ وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الصُّغْرَى لَوْ أَفْسَدَ الصَّوْمَ النَّفَلَ فِي الْحَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، أَمَّا لَوْ اخْتَارَ الْمُضِيَّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. قُلْت: وَهَكَذَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ شَرَعَتْ فِي النَّفْلِ ثُمَّ حَاضَتْ وَجَبَ الْقَضَاءُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَحَمَلَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ عَلَى النَّفْلِ الْمَظْنُونِ، وَكَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا كَلَامُ الْمِنَحِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ أَوْ بِقِيَامِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَقَدْ أَدَّى الشَّفْعَ الْأَوَّلَ صَحِيحًا، فَإِذَا أَفْسَدَ الثَّانِيَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ فَقَطْ، وَلَا يَسْرِي إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ شُرُوعًا صَحِيحًا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اقْتِدَائِهِ مُتَنَفِّلًا بِنَحْوِ أُمِّيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ قَصْدًا احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ ظَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>