إلَّا إذَا شَرَعَ مُتَنَفِّلًا خَلْفَ مُفْتَرِضٍ ثُمَّ قَطَعَهُ وَاقْتَدَى نَاوِيًا ذَلِكَ الْفَرْضَ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ، أَوْ تَطَوُّعًا آخَرَ، أَوْ فِي صَلَاةِ ظَانٍّ، أَوْ أُمِّيٍّ، أَوْ امْرَأَةٍ، أَوْ مُحْدِثٍ يَعْنِي وَأَفْسَدَهُ فِي الْحَالِ؛ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ الْمُضِيَّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ (وَلَوْ عِنْدَ غُرُوبٍ وَطُلُوعٍ وَاسْتِوَاءٍ) عَلَى الظَّاهِرِ (فَإِنْ أَفْسَدَهُ حَرُمَ) - {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣]- (إلَّا بِعُذْرٍ،
ــ
[رد المحتار]
أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا ثُمَّ تَذَكَّرَ خِلَافَهُ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَرَعَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا قَطَعَهُ. وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ مَا الْتَزَمَ إلَّا أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدَّاهَا.
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ) أَيْ تَذَكُّرِ ذَلِكَ الْفَرْضِ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَلِّهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَطَوُّعًا آخَرَ) وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ قَضَاءَ مَا قَطَعَهُ وَلَا غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي صَلَاةِ ظَانٍّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُتَنَفِّلًا فَهُوَ مُسْتَثْنًى أَيْضًا.
وَصُورَتُهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعُيُونِ بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: رَجُلٌ افْتَتَحَ الظُّهْرَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ يُرِيدُ بِهِ التَّطَوُّعَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الظُّهْرُ فَرَفَضَ صَلَاتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِهِ اهـ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَسَدَ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ أَنَّ نَفَلَ الْمُقْتَدِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْإِفْسَادِ، حَتَّى يَلْزَمَهُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ اهـ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِفْسَادِ إفْسَادُ الْمُقْتَدِي صَلَاتَهُ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِإِفْسَادِهِ دُونَ إفْسَادِ إمَامِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِ السِّرَاجِ أَنَّ الْمُرَادَ إفْسَادُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَلَوْ خَرَجَ الظَّانُّ مِنْهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بِالْخُرُوجِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُقْتَدِي الْقَضَاءُ. اهـ. فَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ أَيْضًا بِمَا قُلْنَا وَإِلَّا فَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرُ مَا مَشَى عَلَيْهَا الشَّارِحُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ أَوْ أُمِّيٌّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ شُرُوعًا صَحِيحًا لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ مَنْ ذَكَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَحَلَّ لِاسْتِثْنَائِهِ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَتْنِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَافْهَمْ. قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ وَيَنْبَغِي فِي الْأُمِّيِّ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الشُّرُوعَ يَصِحُّ ثُمَّ تَفْسُدُ إذَا جَاءَ أَوَانُ الْقِرَاءَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ يَعْنِي وَأَفْسَدَهُ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالَ التَّذَكُّرِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الظَّانِّ فَقَطْ.
قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَصْدًا عَنْ الشُّرُوعِ ظَنًّا، كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَرْضًا فَشَرَعَ فِيهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهُ صَارَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا لَا يَجِبُ إتْمَامُهُ حَتَّى لَوْ نَقَضَهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ. وَفِي الصُّغْرَى: هَذَا إذَا أَفْسَدَ الصَّوْمَ النَّفَلَ فِي الْحَالِ، أَمَّا إذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءَ. قَالَ: وَهَكَذَا فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُجْتَبَى. اهـ.
أَقُولُ: وَعَزَاهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ أَيْضًا إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ، لَكِنْ عَلَّلَ فِي التَّجْنِيسِ مَسْأَلَةَ الصَّوْمِ بِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى عَلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى الْمُضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الصَّوْمِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَكَانَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ فَيَلْزَمُهُ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَإِلْحَاقُهَا بِالصَّوْمِ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ الْمُضِيَّ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ، وَفِيهِ مَا عَلِمْته. وَنَقَلَ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْمُضِيِّ إلَّا إذَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ.
أَقُولُ: فَهِمَ الْحَمَوِيُّ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الْآتِي قَرِيبًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الظَّاهِرِ صِحَّةُ تَسْمِيَتِهِ صَائِمًا فِيهِ، وَفِي الصَّلَاةِ لَا إلَّا بِالسُّجُودِ، وَلِذَا حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي لَا يَصُومُ، بِخِلَافِ لَا يُصَلِّي سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَهْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا بِعُذْرٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ حَرُمَ: أَيْ إنَّهُ عِنْدَ الْعُذْرِ لَا يَحْرُمُ إفْسَادُهُ، بَلْ قَدْ يُبَاحُ، وَقَدْ يُسْتَحَبُّ، وَقَدْ يَجِبُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي آخِرِ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ.