للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجَبَ قَضَاؤُهُ) وَلَوْ فَسَادُهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ كَمُتَيَمِّمٍ رَأْي مَاءً وَمُصَلِّيَةٍ أَوْ صَائِمَةٍ حَاضَتْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ بِالْتِزَامِهِ نَوْعَانِ: مَا يَجِبُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ النَّذْرُ وَسَيَجِيءُ. وَمَا يَجِبُ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الشُّرُوعُ فِي النَّوَافِلِ، وَيَجْمَعُهَا قَوْلُهُ:

مِنْ النَّوَافِلِ سَبْعٌ تَلْزَمُ الشَّارِعْ ... أَخْذًا لِذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِعْ

صَوْمٌ صَلَاةٌ طَوَافٌ حَجُّهُ رَابِعْ ... عُكُوفُهُ عُمْرَةٌ إحْرَامُهُ السَّابِعْ

(وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا) غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَلَبِيِّ وَغَيْرِهِ (وَنَقَصَ

ــ

[رد المحتار]

وَمِنْ الْعُذْرِ مَا إذَا كَانَ شُرُوعُهُ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ. فَفِي الْبَدَائِعِ: الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَقْطَعَهَا وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ، فَإِذَا قَطَعَهَا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ وَاجِبًا خُرُوجًا عَنْ الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا، وَلَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلْعَمَلِ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِيُؤَدِّيَهُ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ فَلَا يُعَدُّ إبْطَالًا.

(قَوْلُهُ وَوَجَبَ قَضَاؤُهُ) أَيْ وَلَوْ قَطَعَهُ بِعُذْرٍ وَلَوْ كَانَ لِكَرَاهَةِ الْوَقْتِ كَمَا عَلِمْت. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَضَاهُ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ نَاقِصَةً، وَأَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَتَمَّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِهِ هُنَا فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَيَجْمَعُهَا) أَيْ النَّوَافِلَ الَّتِي تَجِبُ بِالشُّرُوعِ وَضَابِطُهَا كُلُّ عِبَادَةٍ تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَيَتَوَقَّفُ ابْتِدَاؤُهَا عَلَى مَا بَعْدَهُ فِي الصِّحَّةِ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ مِنْ النَّوَافِلِ إلَخْ) هَذَا النَّظْمُ عَزَاهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ إلَى صَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْعِزِّ، وَهُوَ النَّوْعُ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْمُوَلَّدِينَ بِالْمَوَالِيَا، وَبَحْرُهُ بَحْرُ الْبَسِيطِ.

(قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّارِعُ) هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَعَ الْأَحْكَامَ، وَفِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ الْجِنَاسُ التَّامُّ (قَوْلُهُ طَوَافٌ) أَيْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ سَبْعَةِ أَشْوَاطٍ بِالشُّرُوعِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا إذَا شَرَعَ فِيهِ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ.

(قَوْلُهُ عُكُوفُهُ) سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ: أَيْ عَلَى رِوَايَةِ تَقْدِيرِ الِاعْتِكَافِ النَّفْلِ بِيَوْمٍ، أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ سَاعَةٌ فَلَا يَلْزَمُ، بَلْ يَنْتَهِي بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ.

قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ مُلْزِمٌ بِقَدْرِ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْأَدَاءُ، وَلَمَّا خَرَجَ فَمَا وَجَبَ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ اهـ فَتَأَمَّلْ، نَعَمْ سَنَذْكُرُ فِي الِاعْتِكَافِ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ فِي رَمَضَانَ يَنْبَغِي لُزُومُهُ بِالشُّرُوعِ.

(قَوْلُهُ إحْرَامُهُ) قَالَ فِي لُبَابِ الْمَنَاسِكِ: لَوْ نَوَى الْإِحْرَامَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ صَحَّ وَلَزِمَهُ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي أَعْمَالِ أَحَدِهِمَا اهـ وَبِهَذَا غَايَرَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَإِنْ اسْتَلْزَمَاهُ فَانْدَفَعَ التَّكْرَارُ كَمَا قَالَهُ ح.

(قَوْلُهُ وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ عَنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِقَضَاءِ الْأَرْبَعِ إلَى قَوْلِهِمَا فَهُوَ بِاتِّفَاقِهِمْ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِسَبَبِ الشُّرُوعِ لَمْ يَثْبُتْ وَضْعًا بَلْ لِصِيَانَةِ الْمُؤَدَّى وَهُوَ حَاصِلٌ بِتَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ بِلَا ضَرُورَةٍ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ وَلَمْ يَنْوِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا رَكْعَتَانِ اتِّفَاقًا. وَقَيَّدَ بِالشُّرُوعِ لِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَوَى أَرْبَعًا لَزِمَهُ أَرْبَعٌ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ فِيهِ هُوَ النَّذْرُ بِصِيغَتِهِ وَضْعًا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَلَبِيِّ وَغَيْرِهِ) حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: أَمَّا إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ قَطَعَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ إلَّا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا لَمْ تُنْقَلْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا كَذَلِكَ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِذَا لَا يُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ. وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْهَا فَأَكْمَلَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَا الْمُخَيَّرَةُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَكَذَا لَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَهُوَ فِيهِ فَأَكْمَلَ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>