فِي) خِلَالِ (الشَّفْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي) أَيْ وَتَشَهَّدَ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا يَفْسُدُ الْكُلُّ اتِّفَاقًا وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ إلَّا بِعَارِضِ اقْتِدَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَرْكِ قُعُودٍ أَوَّلَ. (كَمَا) يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ (لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ
ــ
[رد المحتار]
يَلْزَمُهُ كَمَالُ الْمَهْرِ لَوْ طَلَّقَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ نَفْلًا آخَرَ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ تَنْعَكِسُ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ اخْتَارَهُ الْفَضْلِيُّ وَقَالَ فِي النِّصَابِ إنَّهُ الْأَصَحُّ. لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْفَرْضِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا رَكْعَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهَا نَفْلٌ. قُلْت: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَرْجِيحُهُ.
(قَوْلُهُ فِي خِلَالِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَيْنَ آخِرِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ الْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ بِالْقَعْدَةِ، وَالثَّانِي لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ حِينَئِذٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا قَضَاءَ لَوْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ نَقَضَ.
(قَوْلُهُ أَوْ الثَّانِي) أَيْ وَكَذَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ لَوْ أَتَمَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ بِقَعْدَتِهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي الثَّانِي فَنَقَضَهُ فِي خِلَالِهِ قَبْلَ الْقَعْدَةِ فَيَقْضِي الثَّانِيَ فَقَطْ لِتَمَامِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ يَنْبَغِي وُجُوبُ إعَادَةِ الْأَوَّلِ لِتَرْكِ وَاجِبِ السَّلَامِ مَعَ عَدَمِ انْجِبَارِهِ بِسُجُودِ سَهْوٍ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ وَاجِبٍ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَلَامَهُمْ هُنَا، لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي لُزُومِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمِهِ وَالْإِعَادَةُ هِيَ فِعْلُ مَا أُدِّيَ صَحِيحًا مَعَ الْكَرَاهَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا كَرَاهَةٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَتَشَهَّدَ لِلْأَوَّلِ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الثَّانِي ح وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْقُعُودُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ سَوَاءً قَرَأَ التَّشَهُّدَ أَوْ لَا، فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ لِلشَّفْعِ الْأَوَّلِ. وَنَقَضَهُ فِي خِلَالِ الشَّفْعِ الثَّانِي يَفْسُدُ الْكُلُّ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَكُونُ صَلَاةً إنْ وُجِدَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى؛ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ فَالْأَرْبَعُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بَحْرٌ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ تَرَكَ قُعُودَ أَوَّلٍ ح.
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَحْرِيمَةِ النَّفْلِ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا بِعَارِضِ اقْتِدَاءٍ) أَيْ اقْتِدَاءِ الْمُتَطَوِّعِ بِمَنْ تَلْزَمُهُ الْأَرْبَعُ؛ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي الظُّهْرِ ثُمَّ قَطَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي أَرْبَعًا، سَوَاءً اقْتَدَى بِهِ فِي أَوَّلِهَا أَوْ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهِيَ أَرْبَعٌ. بَحْرٌ وَنَهْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَذَرَ) أَيْ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَوَى أَرْبَعًا لَزِمَتْهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ. وَعَلَّلَهُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لِتَنَاوُلِ اسْمِ الصَّلَاةِ لِلرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. اهـ. وَقَدْ مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَصَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَمُفَادُ مَا هُنَا أَنَّ نَذْرَ الْأَرْبَعِ يَكْفِي فِي لُزُومِهَا وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِتَسْلِيمَةٍ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِصَلَاتِهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَرَكَ قُعُودَ أَوَّلٍ) لِأَنَّ كَوْنَ كُلِّ شَفْعٍ صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ يَقْتَضِي افْتِرَاضَ الْقَعْدَةِ عَقِيبَهُ فَيَفْسُدُ بِتَرْكِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لَكِنْ عِنْدَهُمَا لَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ الْقَعْدَةِ فَقَدْ جَعَلَ الصَّلَاةَ وَاحِدَةً شَبِيهَةً بِالْفَرْضِ وَصَارَتْ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الْفَرْضَ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَطَوَّعَ بِثَلَاثٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ يَنْبَغِي الْجَوَازُ اعْتِبَارًا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْقَعْدَةُ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ. لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَفْسُدُ مَا قَبْلَهَا. وَلَوْ تَطَوَّعَ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ، قِيلَ يَجُوزُ وَالْأَصَحُّ لَا، فَإِنَّ الِاسْتِحْسَانَ جَوَازُ الْأَرْبَعِ بِقَعْدَةٍ اعْتِبَارًا بِالْفَرْضِ، وَلَيْسَ فِي الْفَرْضِ سِتُّ رَكَعَاتٍ تُؤَدَّى بِقَعْدَةٍ فَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
مَبْحَثُ الْمَسَائِلِ السِّتَّةَ عَشْرِيَّةَ
[تَنْبِيهٌ] يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ الْمُؤَكَّدَةُ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الْحَلَبِيِّ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مَسَائِلِ فَسَادِ النَّفْلِ الرُّبَاعِيِّ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ بِهِ بَعْدَ ذِكْرِ فَسَادِهِ بِغَيْرِهِ وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْمُلَقَّبَةُ بِالثَّمَانِيَةِ؛ وَبِالسِّتَّةِ عَشْرِيَّةَ. وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ صِحَّةَ الشُّرُوعِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ بِالتَّحْرِيمَةِ وَفِي الثَّانِي بِالْقِيَامِ