للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَصَحِّ كَعَكْسِهِ بَحْرٌ. وَفِيهِ أَجْرُ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النِّصْفِ إلَّا بِعُذْرٍ (وَلَا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ (مِثْلَهَا) فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا تُعَادُ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ لِلنَّهْيِ. وَمَا نُقِلَ أَنَّ الْإِمَامَ قَضَى صَلَاةَ عُمُرِهِ، فَإِنْ صَحَّ نَقُولُ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْوِتْرَ أَرْبَعًا بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ

ــ

[رد المحتار]

الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ وَكَتَبَ عِنْدَ قَوْلِهِ الْأَصَحُّ لَا فِي هَامِشِهِ: فِيهِ رَدٌّ عَلَى الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَغَيْرِهَا، حَيْثُ جَزَمُوا بِالْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا عَلِمْته فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) وَهُوَ مَا لَوْ شَرَعَ قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَهُوَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهُ «كَانَ يَفْتَتِحُ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَيَقْرَأُ وِرْدَهُ حَتَّى إذَا بَقِيَ عَشْرُ آيَاتٍ وَنَحْوُهَا قَامَ» إلَخْ، وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.

وَفِي التَّجْنِيسِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُومَ فَيَقْرَأَ شَيْئًا ثُمَّ يَرْكَعَ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ؛ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَلَكِنَّهُ اسْتَوَى قَائِمًا ثُمَّ رَكَعَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَرَكَعَ لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ رُكُوعًا قَائِمًا وَلَا رُكُوعًا قَاعِدًا. اهـ. بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ أَجْرُ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ نَافِلَتَهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ كَنَافِلَتِهِ قَائِمًا؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قُلْت: حُدِّثْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّك قُلْت: صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْت كَأَحَدٍ مِنْكُمْ» بَحْرٌ مُلَخَّصًا: أَيْ لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى النِّصْفِ إلَّا بِعُذْرٍ) أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ قَائِمًا لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» فَتْحٌ. وَحَكَى فِي النِّهَايَةِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. وَتَعَقَّبَهُ فِي الْبَحْرِ بِحِكَايَةِ النَّوَوِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مَعَ الْعُذْرِ أَيْضًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ إيمَاءَ الْعَاجِزِ أَفْضَلُ مِنْ، صَلَاةِ الْقَائِمِ لِأَنَّهُ جُهْدُ الْمُقِلِّ. قَالَ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، بَلْ الظَّاهِرُ الْمُسَاوَاةُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ مَا فِي الْمُجْتَبَى، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي الْكَشْفِ أَنَّهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَعِينٍ النَّسَفِيُّ: جَمِيعُ عِبَادَاتِ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ كَالْمُومِي وَغَيْرِهِ تَقُومُ مَقَامَ الْعِبَادَاتِ الْكَامِلَةِ فِي حَقِّ إزَالَةِ الْمَأْثَمِ لَا فِي حَقِّ إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ. اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْبَعْضِ الْمَارِّ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» فَإِنَّ الْعُمُومَ " مَنْ " يَدْخُلُ فِيهِ الْعَاجِزُ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ نَائِمًا لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ جَعَلَ لَهُ نِصْفَ أَجْرِ الْقَاعِدِ، وَفِي هَذَا الْمَقَامِ زِيَادَةُ كَلَامٍ يُطْلَبُ مِمَّا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَلِّي إلَخْ) هَذَا اللَّفْظُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُحَمَّدٌ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنَّا فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ غَيْرَ مُرَادٍ إجْمَاعًا لِأَنَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يُصَلَّيَانِ بَعْدَ سُنَّتِهِمَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ؛ فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَرَادَ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَ الظُّهْرِ نَافِلَةً رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا بِقِرَاءَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لِتَكُونَ مِثْلَ الْفَرْضِ. وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: لَوْ حُمِلَ عَلَى تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ لَهُ أَهْلٌ أَوْ عَلَى قَضَاءِ الصَّلَاةِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ لَكَانَ صَحِيحًا نَهْرٌ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَكْرَارَ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْأُولَى فَمَكْرُوهٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ فَمَكْرُوهٌ كَمَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ؛ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لِخَلَلٍ فِي الْمُؤَدَّى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلَلُ مُحَقَّقًا إمَّا بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ بَلْ وَاجِبٌ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ إنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلَلُ غَيْرَ مُحَقَّقٍ بَلْ نَشَأَ مِنْ وَسْوَسَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُصَلِّي إلَخْ، وَالنَّهْيُ هُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ وَمَا نُقِلَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى الْوَجْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>