للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَقْعُدُ) فِي كُلِّ نَفْلِهِ (كَمَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَ) .

(وَ) يَتَنَفَّلُ الْمُقِيمُ (رَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ) مَحَلَّ الْقَصْرِ

ــ

[رد المحتار]

الثَّالِثِ، فَإِنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ يُنَافِي حَمْلَ النَّهْيِ عَلَيْهِ، إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَا صَلَّاهُ الْإِمَامُ أَوَّلًا مُشْتَمِلًا عَلَى خَلَلٍ مُحَقَّقٍ مِنْ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَعَادَ مَا صَلَّاهُ لِمُجَرَّدِ الِاحْتِيَاطِ وَتَوَهُّمِ الْفَسَادِ، فَيُنَافِي حَمْلَ النَّهْيِ فِي مَذْهَبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ.

وَالْجَوَابُ أَوَّلًا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ، وَثَانِيًا أَنَّهُ لَوْ صَحَّ نَقُولُ إنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْوِتْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَآلِ الْفَتَاوَى: أَيْ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ غَيْرَ مَكْرُوهٍ، وَيَكُونُ النَّهْيُ مَحْمُولًا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَى هَذَا مُحْتَمِلَةً لِوُقُوعِهَا نَفْلًا وَالتَّنَفُّلُ بِالثَّلَاثِ مَكْرُوهٌ نَقُولُ إنَّهُ كَانَ يَضُمُّ إلَى الْمَغْرِبِ وَالْوِتْرِ رَكْعَةً، فَعَلَى احْتِمَالِ صِحَّةِ مَا كَانَ صَلَّاهُ أَوَّلًا تَقَعُ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا، وَزِيَادَةُ الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ لَا تُبْطِلُهَا، وَعَلَى احْتِمَالِ فَسَادِهِ تَقَعُ هَذِهِ فَرْضًا مُقْتَضِيًا وَزِيَادَةُ رَكْعَةٍ عَلَيْهَا لَا تُبْطِلُهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا دَارَ بَيْنَ وُقُوعِهِ بِدْعَةً وَوَاجِبًا لَا يُتْرَكُ، بِخِلَافِ مَا دَارَ بَيْنَ وُقُوعِهِ سُنَّةً وَوَاجِبًا لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْجَوَابَ عَنْ الْإِيرَادِ هُوَ الْأَوَّلُ؛ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مُقَرِّرٌ لَهُ، لَكِنَّهُ لَا يُجْدِي لِعَدَمِ ثُبُوتِ صِحَّةِ النَّقْلِ، فَالْوَجْهُ حِينَئِذٍ كَرَاهَةُ الْقَضَاءِ لِتَوَهُّمِ الْفَسَادِ كَمَا قَالَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ، لَكِنْ رَأَيْتُ فِي فَصْلِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ هَذَا الْقَضَاءِ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَقَدْ فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ لِشُبْهَةِ الْفَسَادِ اهـ وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ.

(قَوْلُهُ وَيَقْعُدُ فِي كُلِّ نَفْلِهِ إلَخْ) أَيْ لَا فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ فَقَطْ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ السَّابِقَةِ، فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا يُصَلِّي إلَخْ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ) أَيْ تَشَهُّدِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْقُعُودِ وَالتَّرَبُّعِ وَالِاحْتِبَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَأَفَادَ فِي النَّهْرِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي حُصُولِ الْجَوَازِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ.

[تَنْبِيهٌ] قِيلَ ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَمَا فِي حَالِ التَّشَهُّدِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَخْ عَنْ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْقِيَامِ مَا هُوَ الْأَعَمُّ لِأَنَّ الْقَاعِدَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ: أَيْ يَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ سُرَّتِهِ. وَفِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مُلَّا عَلِيٍّ الْقَارِئِ عِنْدَ قَوْلِ النُّقَايَةِ فِي كُلِّ قِيَامٍ أَيْ حَقِيقِيٍّ أَوْ حُكْمِيٍّ كَمَا إذَا صَلَّى قَاعِدًا.

مَطْلَبٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ

(قَوْلُهُ وَيَتَنَفَّلُ الْمُقِيمُ رَاكِبًا إلَخْ) أَيْ بِلَا عُذْرٍ، أَطْلَقَ النَّفَلَ فَشَمِلَ السُّنَنَ الْمُؤَكَّدَةَ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ كَمَا مَرَّ، وَأَشَارَ بِذِكْرِ الْمُقِيمِ أَنَّ الْمُسَافِرَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ وَاحْتَرَزَ بِالنَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ بِأَنْوَاعِهِ كَالْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَمَا لَزِمَ بِالشُّرُوعِ وَالْإِفْسَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةٍ تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ بِلَا عُذْرٍ لِعَدَمِ الْحَرَجِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ رَاكِبًا) فَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمَاشِي بِالْإِجْمَاعِ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى.

(قَوْلُهُ خَارِجَ الْمِصْرِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ، لَكِنْ بِكَرَاهَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْخُشُوعِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ.

(قَوْلُهُ مَحَلَّ الْقَصْرِ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ خَارِجَ الْمِصْرِ. وَفَائِدَتُهُ شُمُولُ خَارِجَ الْقَرْيَةِ وَخَارِجَ الْأَخْبِيَةِ ح: أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>