للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هَذَا) كُلُّهُ (فِي الْفَرْضِ) وَالْوَاجِبِ بِأَنْوَاعِهِ وَسُنَّةِ الْفَجْرِ بِشَرْطِ إيقَافِهَا لِلْقِبْلَةِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الْإِمْكَانِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ بِسَيْرِهَا الْمَكَانُ (وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَتَجُوزُ عَلَى الْمَحْمَلِ وَالْعَجَلَةِ مُطْلَقًا) فُرَادَى لَا بِجَمَاعَةٍ إلَّا عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ نِيَّةِ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَلَوْ تَحِيَّةً (رَجَحَ الْفَرْضُ) لِقُوَّتِهِ. وَأَبْطَلَهَا مُحَمَّدٌ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ

(وَلَوْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ طُهْرٍ لَزِمَاهُ بِهِ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي يُوسُفَ.

ــ

[رد المحتار]

حَبْلٌ مَثَلًا تَجُرُّهَا الدَّابَّةُ بِهِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْأَرْضِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَائِرَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا بِلَا عُذْرٍ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّ جَرَّهَا بِالْحَبْلِ وَهِيَ عَلَى الْأَرْضِ لَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْأَرْضِ؛ وَيُفِيدُهُ عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ. وَهِيَ: لَوْ صَلَّى عَلَى الْعَجَلَةِ، إنْ كَانَ طَرَفُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ تَجُوزُ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ لَا فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفُهَا عَلَى الدَّابَّةِ جَازَتْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى السَّرِيرِ اهـ فَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ يُفِيدُ مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ قَيَّدَهَا بِقَوْلِهِ وَهِيَ تَسِيرُ وَلَوْ كَانَ الْجَوَازُ مُقَيَّدًا بِعَدَمِ السَّيْرِ لِقَيْدِهِ بِهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ) أَيْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ، وَوَضْعُ خَشَبَةٍ تَحْتَ الْمَحْمَلِ، وَعَدَمُ كَوْنِ طَرَفِ الْعَجَلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ ح.

(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بِأَنْوَاعِهِ) أَيْ مَا كَانَ وَاجِبًا لِعَيْنِهِ عَيْنًا كَالْوِتْرِ، أَوْ كِفَايَةً كَالْجِنَازَةِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَوَجَبَ بِالْقَوْلِ كَالنَّذْرِ، أَوْ بِالْفِعْلِ كَنَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ، وَكَسَجْدَةٍ آيَتُهَا تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إلَخْ) أَوْضَحْنَاهُ فِي مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِئَلَّا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِشَرْطِ إيقَافِهَا ح.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ شَرْطٌ فِي صَلَاةِ غَيْرِ النَّافِلَةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِعُذْرٍ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ إيقَافُهَا مُسْتَقْبِلًا فَعَلَ، وَلِذَا نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْإِمَامِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ انْحَرَفَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِانْحِرَافُ مِقْدَارَ رُكْنٍ اهـ.

قُلْت: بَقِيَ لَوْ أَمْكَنَهُ الْإِيقَافُ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ فَلَا كَلَامَ فِي لُزُومِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْعِلَّةِ، وَلَوْ بِالْعَكْسِ هَلْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ؟ لَمْ أَرَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْحِلْيَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ يَخَافُ النُّزُولَ يُصَلِّي إلَى الْقِبْلَةِ. قَالَ وَعِنْدِي هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ سَائِرَةً يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ اهـ يَعْنِي إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ إيقَافُهَا لِخَوْفِ فَوْتِ الرُّفْقَةِ مَثَلًا يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً عَلَى الْقِبْلَةِ أَوْ لَا، قَادِرٌ عَلَى النُّزُولِ أَوْ لَا، طَرَفُ الْعَجَلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لَا ح.

(قَوْلُهُ لَا بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَاسْتَحْسَنَ مُحَمَّدٌ الْجَوَازَ لَوْ دَوَابُّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ دَابَّةِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فُرْجَةٌ إلَّا بِقَدْرِ الصَّفِّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَكَانِ شَرْطٌ، حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَحْمَلٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي شِقَّيْ مَحْمَلٍ جَازَ بَدَائِعُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ جَمَعَ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ نَظَائِرِهَا قُبَيْلَ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحِيَّةً) فِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ لَزِمَاهُ بِهِ) أَيْ لَزِمَهُ الرَّكْعَتَانِ بِطُهْرٍ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ.

أَقُولُ: وَلَا حَاجَةَ لِلْبَحْثِ، فَإِنَّ مَا فِي الْمَتْنِ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّاذِرَ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ أَوْجَبَهُمَا بِطَهَارَةٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ بِغَيْرِ طُهْرٍ رُجُوعٌ عَمَّا الْتَزَمَهُ فَلَا يَصِحُّ ابْنُ مَلِكٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَبِي يُوسُفَ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّصْرِيحُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا مَرْجِعَ لِلضَّمِيرِ فِي عِنْدَهُ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي مِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>