للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ نَذَرَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ أَوْ عُرْيَانَا أَوْ رَكْعَةً، وَكَذَا نِصْفُ رَكْعَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ (وَأَهْدَرَهُ الثَّالِثُ) أَيْ مُحَمَّدٌ (أَوْ) نَذَرَ عِبَادَةً (فِي مَكَانِ كَذَا فَأَدَّاهُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَرَفِهِ جَازَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقُرْبَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالثَّلَاثَةِ (وَلَوْ نَذَرَتْ عِبَادَةً) كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ (فِي غَدٍ فَحَاضَتْ فِيهِ يَلْزَمُهَا قَضَاؤُهَا) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْأَدَاءَ لَا الْوُجُوبَ (وَلَوْ) نَذَرَتْهَا (يَوْمَ حَيْضِهَا لَا) لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ.

(التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُوَاظَبَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ (لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) إجْمَاعًا

(وَوَقْتُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) إلَى الْفَجْرِ (قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ) فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ فَاتَهُ بَعْضُهَا وَقَامَ الْإِمَامُ إلَى الْوِتْرِ أَوْتَرَ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّى مَا فَاتَهُ.

ــ

[رد المحتار]

رُجُوعُهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مَرْجِعٌ خَاصٌّ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْتِزَامَ الشَّيْءِ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِقِرَاءَةٍ وَمَسْتُورَ الْعَوْرَةِ وَرَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ شَفْعًا وَبِقِرَاءَةٍ وَبِثَوْبٍ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ ثَلَاثًا يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِمَا قُلْنَا، وَأَشَارَ بِالْكَافِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ لَا خِلَافَ فِيهَا لِمُحَمَّدٍ. وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي شُرُوحِ الْمَجْمَعِ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا نِصْفُ رَكْعَةٍ: أَيْ يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ، لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يَتَجَزَّى ذِكْرٌ لِكُلِّهِ فَكَأَنَّهُ نَذَرَ رَكْعَةً وَهُوَ الْتِزَامٌ لِأُخْرَى أَيْضًا كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ وَأَهْدَرَهُ الثَّالِثُ) أَيْ أَهْدَرَ النَّذْرَ بِغَيْرِ طُهْرٍ فَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ؛ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ.

[تَنْبِيهٌ] نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثَمَانِيَةً، أَوْ أَنْ يُزَكِّيَ النِّصَابَ عُشْرًا أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ، أَوْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مَرَّتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ فَهُوَ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ بَحْرٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِلَا قِرَاءَةٍ أَوْ عُرْيَانًا تَكُونُ عِبَادَةً لِمَأْمُومٍ أَوْ أُمِّيٍّ وَلِعَادِمِ ثَوْبٍ وَكَذَا بِلَا طَهَارَةٍ، لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ؛ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

أَقُولُ: وَالتَّعْلِيلُ الْمَارُّ بِأَنَّ الْتِزَامَ الشَّيْءِ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ يُغْنِي عَنْ إبْدَاءِ الْفَرْقِ مَعَ شُمُولِهِ لِلنَّذْرِ بِرَكْعَةٍ أَوْ نِصْفِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ نَذَرَ إلَخْ) كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً بِمَسْجِدِ مَكَّةَ فَأَدَّاهَا فِي الْقُدْسِ مَثَلًا أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ جَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ الْقُرْبَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي أَيِّ مَكَان، وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ الْوِتْرِ أَفْضَلُ الْأَمَاكِنِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَيْضَ الْمَفْهُومَ مِنْ فِعْلِهِ السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ) لِأَنَّ يَوْمَ الْحَيْضِ مُنَافٍ لِلصَّوْمِ الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ صَوْمِ الْغَدِ فَإِنَّهُ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ قَابِلٌ لِلْأَدَاءِ، وَلَكِنْ صَرَفَ عَنْهُ مَانِعٌ سَمَاوِيٌّ مَنَعَ الْأَدَاءَ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ.

مَبْحَثٌ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ.

(قَوْلُهُ التَّرَاوِيحُ) جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ؛ سُمِّيَتْ الْأَرْبَعُ بِهَا لِلِاسْتِرَاحَةِ بَعْدَهَا خَزَائِنُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا عَنْ النَّوَافِلِ لِكَثْرَةِ شُعَبِهَا وَاخْتِصَاصِهَا عَنْهَا بِأَدَائِهَا بِجَمَاعَةٍ وَأَحْكَامٍ أُخَرَ، وَلِذَا أَفْرَدَ لَهَا تَأْلِيفًا خَاصًّا بِأَحْكَامِهَا الْإِمَامُ حُسَامُ الدِّينِ، وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ.

(قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْهَا وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَمْ يَتَخَرَّجْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا؛ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فَهِمَهُ فِي الْهِدَايَةِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّرَاوِيحَ مُسْتَحَبَّةٌ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي: وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى سُنِّيَّتِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ لِمُوَاظَبَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ) أَيْ أَكْثَرِهِمْ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى يَوْمِنَا هَذَا بِلَا نَكِيرٍ، وَكَيْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>