للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ فِي الِاخْتِيَارِ: الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا قَدْرُ مَا لَا يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْإِمَامِ: لَوْ قَرَأَ ثَلَاثًا قِصَارًا أَوْ آيَةً طَوِيلَةً فِي الْفَرْضِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ، فَمَا ظَنُّك بِالتَّرَاوِيحِ؟ وَفِي فَضَائِلِ رَمَضَانَ لِلزَّاهِدِيِّ: أَفْتَى أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ وَالْوَبَرِيُّ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي التَّرَاوِيحِ الْفَاتِحَةَ وَآيَةً أَوْ آيَتَيْنِ لَا يُكْرَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَهْلِ زَمَانِهِ فَهُوَ جَاهِلٌ.

(وَيَأْتِي الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ بِالثَّنَاءِ فِي كُلِّ شَفْعٍ، وَيَزِيدُ) الْإِمَامُ (عَلَى التَّشَهُّدِ، إلَّا أَنْ يَمَلَّ الْقَوْمُ فَيَأْتِي بِالصَّلَوَاتِ) وَيَكْتَفِي بِاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ

(وَيَتْرُكُ الدَّعَوَاتِ) وَيَجْتَنِبُ الْمُنْكَرَاتِ هَذْرَمَةَ الْقِرَاءَةِ، وَتَرْكَ تَعَوُّذٍ وَتَسْمِيَةٍ، وَطُمَأْنِينَةٍ، وَتَسْبِيحٍ، وَاسْتِرَاحَةٍ

(وَتُكْرَهُ قَاعِدًا) لِزِيَادَةِ تَأَكُّدِهَا، حَتَّى قِيلَ لَا تَصِحُّ (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ) كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْقِيَامِ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ لِلتَّشَبُّهِ بِالْمُنَافِقِينَ.

(وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَمْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ جَمَاعَةً) لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَمُصَلِّيهِ وَحْدَهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُ.

(وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا) أَيْ التَّرَاوِيحَ (بِالْإِمَامِ) أَوْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِ (لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ) بَقِيَ لَوْ تَرَكَهَا الْكُلُّ هَلْ يُصَلُّونَ الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ؟ فَلْيُرَاجَعْ.

ــ

[رد المحتار]

وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: ثُمَّ إذَا خَتَمَ قَبْلَ آخِرِ الشَّهْرِ قِيلَ لَا يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ التَّرَاوِيحِ فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِ خَتْمِ الْقُرْآنِ مَرَّةً قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ، وَقِيلَ يُصَلِّيهَا وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا شَاءَ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا إلَخْ) لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ حِلْيَةٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الزَّمَانِ، فَقَدْ تَتَغَيَّرُ الْأَحْكَامُ لِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَحَّحَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَتْمَ سُنَّةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ تَرْكِهِ إذَا لَزِمَ مِنْهُ تَنْفِيرُ الْقَوْمِ وَتَعْطِيلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا فَالظَّاهِرُ اخْتِيَارُ الْأَخَفِّ عَلَى الْقَوْمِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) عِبَارَتُهُ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُهَا، فَإِنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ، هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا؟ اهـ.

(قَوْلُهُ وَآيَةً أَوْ آيَتَيْنِ) أَيْ بِقَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ بِدَلِيلِ عِبَارَةِ الْمُجْتَبَى، وَإِلَّا فَلَوْ دُونَ ذَلِكَ كُرِهَ تَحْرِيمًا لِمَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا فِي بَحْثِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: لَوْ قَرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ آيَةً قَصِيرَةً أَوْ آيَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ قَرَأَ ثَلَاثًا قِصَارًا أَوْ كَانَتْ الْآيَةُ أَوْ الْآيَتَانِ تَعْدِلُ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارًا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي حَدِّ الِاسْتِحْبَابِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ السُّنَّةَ قِرَاءَةُ الْمُفَصَّلِ، فَقَوْلُهُ هُنَا لَا يُكْرَهُ أَيْ لَا تَحْرِيمًا وَلَا تَنْزِيهًا، وَإِنْ كُرِهَ فِي الْفَرَائِضِ تَنْزِيهًا فَافْهَمْ.

هَذَا، وَفِي التَّجْنِيسِ: وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَبَعْضُهُمْ سُورَةَ الْفِيلِ: أَيْ الْبُدَاءَةَ مِنْهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا، وَهَذَا أَحْسَنُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ عَمَلُ أَئِمَّةِ أَكْثَرِ الْمَسَاجِدِ فِي دِيَارِنَا إلَّا أَنَّهُمْ يَبْدَءُونَ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ التَّكَاثُرِ فِي الْأُولَى وَالْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُمْ فِي التَّاسِعَةَ عَشَرَ بِسُورَةِ تَبَّتْ وَفِي الْعِشْرِينَ بِالْإِخْلَاصِ اهـ زَادَ فِي الْبَحْرِ: وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ بِسَبَبِ الْفَصْلِ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.

قُلْت: لَكِنَّ الْأَحْوَطَ قِرَاءَةُ النَّصْرِ وَتَبَّتْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي مِنْهَا، وَبَعْضُ أَئِمَّةِ زَمَانِنَا يَقْرَأُ بِالْعَصْرِ وَالْإِخْلَاصِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ، وَبِالْكَوْثَرِ وَالْإِخْلَاصِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالدَّعَوَاتِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ وَيَكْتَفِي بِاَللَّهُمِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) زَادَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تُفْرَضُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، بَلْ تُسَنُّ عِنْدَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَقِيلَ تَجِبُ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ هَذْرَمَةَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ: سُرْعَةُ الْكَلَامِ وَالْقِرَاءَةِ قَامُوسٌ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، وَيَجُوزُ الْقَطْعُ ح.

(قَوْلُهُ وَاسْتِرَاحَةٍ) هِيَ الْقَعْدَةُ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنْكَرَاتِ مَجْمُوعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>