للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يُصَلِّي الْوِتْرَ وَ) لَا (التَّطَوُّعَ بِجَمَاعَةٍ خَارِجَ رَمَضَانَ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ

ــ

[رد المحتار]

مَا ذَكَرَ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا يُخَالِفُ الْمَشْرُوعَ.

(قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ قَاعِدًا) أَيْ تَنْزِيهًا، لِمَا فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَوَارَثِ عَنْ السَّلَفِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى قِيلَ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بِأَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ مُؤَكَّدَةٌ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدَّمْنَا عِبَارَتَهَا فِي بَحْثِ سُنَّةِ الْفَجْرِ.

(قَوْلُهُ كَمَا يُكْرَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّكَاسُلِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَبُّهَ بِالْمُنَافِقِينَ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] ط. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِكَسَلٍ بَلْ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَكَذَا إذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَلْ يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ.

تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَبَعٌ) أَيْ لِأَنَّ جَمَاعَتَهَا تَبَعٌ لِجَمَاعَةِ الْفَرْضِ فَإِنَّهَا لَمْ تَقُمْ إلَّا بِجَمَاعَةِ الْفَرْضِ، فَلَوْ أُقِيمَتْ بِجَمَاعَةٍ وَحْدَهَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْوَارِدِ فِيهَا فَلَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً؛ أَمَّا لَوْ صَلَّيْت بِجَمَاعَةِ الْفَرْضِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ صَلَّى الْفَرْضَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ ذَلِكَ الْإِمَامِ لِأَنَّ جَمَاعَتَهُمْ مَشْرُوعَةٌ فَلَهُ الدُّخُولُ فِيهَا مَعَهُمْ لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي وَجْهِهِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لَا يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَحْدَهُ، فَظَهَرَ صِحَّةُ التَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ فَمُصَلِّيهِ وَحْدَهُ إلَخْ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَنِيَّةِ، وَكَذَا فِي مَتْنِ الدُّرَرِ، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ عَمَّنْ صَلَّى الْفَرْضَ وَالتَّرَاوِيحَ وَحْدَهُ أَوْ التَّرَاوِيحَ فَقَطْ هَلْ يُصَلِّي الْوِتْرَ مَعَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ لَا اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيَّ ذَكَرَ تَصْحِيحَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يُصَلِّ الْفَرْضَ مَعَهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْوِتْرِ اهـ فَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا أَيْ وَقَدْ صَلَّى الْفَرْضَ مَعَهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقُهُسْتَانِيِّ مَعَهُ احْتِرَازًا عَنْ صَلَاتِهَا مُنْفَرِدًا؛ أَمَّا لَوْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً مَعَ غَيْرِهِ ثُمَّ صَلَّى الْوِتْرَ مَعَهُ لَا كَرَاهَةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بَقِيَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ جَمَاعَةَ الْوِتْرِ تَبَعٌ لِجَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ وَإِنْ كَانَ الْوِتْرُ نَفْسُهُ أَصْلًا فِي ذَاتِهِ لِأَنَّ سُنَّةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ إنَّمَا عُرِفَتْ بِالْأَثَرِ تَابِعَةً لِلتَّرَاوِيحِ، عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَفْضَلِيَّةِ صَلَاتِهَا بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ كَمَا يَأْتِي.

مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ فِي النَّفْلِ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي وَفِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ

(قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ لَا يَجُوزُ الْكَرَاهَةُ لَا عَدَمُ أَصْلِ الْجَوَازِ، لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَأَيَّدَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: دَفَنَّا أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْلًا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنِّي لَمْ أُوتِرْ، فَقَامَ وَصَفّنَا وَرَاءَهُ فَصَلَّى بِنَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَمْ يُسَلِّمْ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ. ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَحْيَانًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ كَانَ مُبَاحًا غَيْرَ مَكْرُوهٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاظَبَةِ كَانَ بِدْعَةً مَكْرُوهَةً لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَوَارَثِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مُخْتَصَرِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ الْجَمَاعَةَ فِي التَّطَوُّعِ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ إلَّا فِي قِيَامِ رَمَضَانَ اهـ فَإِنَّ نَفْيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>