للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي، بِأَنْ يَقْتَدِيَ أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ إذْ لَا مَانِعَ نَهْرٌ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاةِ رَغَائِبَ وَبَرَاءَةٍ وَقَدْرٍ، إلَّا إذَا قَالَ نَذَرْت كَذَا رَكْعَةً بِهَذَا الْإِمَامِ جَمَاعَةً. اهـ. قُلْت: وَتَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّفَ كُلَّ هَذَا التَّكْلِيفِ لِأَمْرٍ مَكْرُوهٍ

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَا كَرَاهَةَ عَلَى الْإِمَامِ فَلْيُحْفَظْ.

(وَفِيهِ) أَيْ رَمَضَانَ (يُصَلِّي الْوِتْرَ وَقِيَامَهُ بِهَا) وَهَلْ الْأَفْضَلُ فِي الْوِتْرِ الْجَمَاعَةُ أَمْ الْمَنْزِلُ؟ تَصْحِيحَانِ، لَكِنْ نَقَلَ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَذْهَبَ الثَّانِيَ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

ــ

[رد المحتار]

السُّنِّيَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْكَرَاهَةَ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَ الْمُوَاظَبَةِ كَانَ بِدْعَةً فَيُكْرَهُ. وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ: عَلَّلَ الْكَرَاهَةَ فِي الضِّيَاءِ وَالنِّهَايَةِ بِأَنَّ الْوِتْرَ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهَا، وَتُؤَدَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالنَّفَلُ بِالْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لِأَنَّهُ لَمْ تَفْعَلْهُ الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ اهـ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ تَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي) هُوَ أَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفَسَّرَهُ الْوَانِيُّ بِالْكَثْرَةِ وَهُوَ لَازِمُ مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ) أَمَّا اقْتِدَاءُ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ فَلَا يُكْرَهُ، وَثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ فِيهِ خِلَافٌ بَحْرٌ عَنْ الْكَافِي وَهَلْ يَحْصُلُ بِهَذَا الِاقْتِدَاءِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؟ ظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي التَّطَوُّعِ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ يُفِيدُ عَدَمَهُ تَأَمَّلْ. بَقِيَ لَوْ اقْتَدَى بِهِ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ ثُمَّ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ اقْتَدَوْا بِهِ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَنَفِّلِينَ، أَمَّا لَوْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلُونَ بِمُفْتَرِضٍ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ فِي صَلَاةِ رَغَائِبَ) فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ: هِيَ الَّتِي فِي رَجَبٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ: وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ كُتُبًا فِي إنْكَارِهَا وَذَمِّهَا وَتَسَفِّيهِ فَاعِلِهَا، وَلَا يُغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْفَاعِلِينَ لَهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ. اهـ. وَقَدَّمْنَا بَعْضَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْعِيدَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَبَرَاءَةٍ) هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.

(قَوْلُهُ وَقَدْرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَخْبَارَ تَظَاهَرَتْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَالَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا خُرُوجَ عَنْهَا حِينَئِذٍ إلَّا بِالْجَمَاعَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ النَّذْرَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ دُونَ الْإِمَامِ وَإِلَّا كَانَ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالنَّاذِرِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ثُمَّ إنَّ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَتْ الْقُوَّةُ ذَاتِيَّةً، فَلَوْ عَرَضَتْ بِالنَّذْرِ كَمَا هُنَا فَلَا، وَمِنْ هُنَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: النَّذْرُ كَالنَّفْلِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ.

(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) لَمْ يَنْقُلْ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ بِتَمَامِهَا وَنَصُّهَا: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّفَ لِالْتِزَامِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كُلَّ هَذَا التَّكَلُّفِ لِإِقَامَةِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ وَهُوَ أَدَاءُ النَّفْلِ بِالْجَمَاعَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي، فَلَوْ تَرَكَ أَمْثَالَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ تَارِكٌ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشِّعَارِ فَحَسَنٌ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِالنَّذْرِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ أَدَاءَ النَّفْلِ بِالْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ) عِبَارَتُهَا نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ فِيمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالتَّرَاوِيحَ وَالْوِتْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا آخَرِينَ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومَيْنِ. وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فَاقْتَدَى النَّاسُ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. اهـ. قَالَ ط: وَهَلْ إذَا اقْتَدَى حَنَفِيٌّ نَوَى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ الْبَعْدِيَّةِ بِشَافِعِيٍّ يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَهَا يُكْرَهُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّهَا نَفْلٌ عِنْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ لَا يُكْرَهُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ؟ حَرِّرْهُ. اهـ. وَيَظْهَرُ لِي الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ فِي اعْتِقَادِهِ مَكْرُوهَةٌ.

(قَوْلُهُ تَصْحِيحَانِ) رَجَّحَ الْكَمَالُ الْجَمَاعَةَ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَوْتَرَ بِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَأَخُّرِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِي التَّرَاوِيحِ» فَالْوِتْرُ كَالتَّرَاوِيحِ؛ فَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا سُنَّةٌ فَكَذَلِكَ الْوِتْرُ بَحْرٌ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ إلَّا أَنَّ سُنِّيَّتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>