للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكُرِهَ) تَحْرِيمًا لِلنَّهْيِ (خُرُوجُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِنَّ فِيهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ دُخُولُ الْوَقْتِ أُذِّنَ فِيهِ أَوْ لَا (إلَّا لِمَنْ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى) أَوْ كَانَ الْخُرُوجُ لِمَسْجِدِ حَيِّهِ وَلَمْ يُصَلُّوا فِيهِ، أَوْ لِأُسْتَاذِهِ لِدَرْسِهِ، أَوْ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ

ــ

[رد المحتار]

كَانَتْ الْمُتُونُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ فِي السُّنَنِ إلَّا رَكْعَتَانِ لَمْ تَكُنْ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ إبْطَالًا لَهَا وَإِبْطَالَ وَصْفِ السُّنِّيَّةِ لِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ مَعَ إمْكَانِ تَدَارُكِهَا بِالْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ فَتَدَبَّرْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ إلَى الثَّالِثَةِ، أَمَّا إنْ قَامَ إلَيْهَا وَقَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ، فَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يُضِيفُ إلَيْهَا رَابِعَةً وَيُسَلِّمُ، وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِسَجْدَةٍ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَمْ يُذْكَرْ فِي النَّوَادِرِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا وَيُخَفِّفُ الْقِرَاءَةَ وَقِيلَ يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ وَيُسَلِّمُ وَهَذَا أَشْبَهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ كُلُّ شَفْعٍ صَلَاةٌ فَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ كَالتَّحْرِيمَةِ الْمُبْتَدَأَةِ، وَإِذَا كَانَ أَوَّلُ مَا تَحْرُمُ يُتِمُّ شَفْعًا فَكَذَا هُنَا اهـ.

مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَحْرِيمًا لِلنَّهْيِ) وَهُوَ مَا فِي ابْنِ مَاجَهْ «مَنْ أَدْرَكَ الْأَذَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ فَهُوَ مُنَافِقٌ» وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ " كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ " وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِهِ كَالْمَرْفُوعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ) أَطْلَقَهُ، فَشَمِلَ مَا إذَا أُذِّنَ وَهُوَ فِيهِ أَوْ دَخَلَ بَعْدَ الْأَذَانِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ الْأَذَانِ فِيهِ هُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَهُوَ دَاخِلَهُ، سَوَاءٌ أُذِّنَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ عَدَمُ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، سَوَاءٌ خَرَجَ أَوْ مَكَثَ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا نُشَاهِدُهُ مِنْ بَعْضِ الْفَسَقَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يُؤَخِّرُونَ لِدُخُولِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَالصُّبْحِ مَثَلًا فَخَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ وَصَلَّى مَعَهُمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ، وَلَمْ أَرَهُ كُلَّهُ مَنْقُولًا اهـ وَجَزَمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي النَّهْرِ لِدَلَالَةِ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى) بِأَنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُؤَذِّنًا تَتَفَرَّقُ النَّاسُ بِغَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ تَرَكَ صُورَةَ تَكْمِيلِ مَعْنَى، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى بَحْرٌ. وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّ لَهُ الْخُرُوجَ وَلَوْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَتْنِ الدُّرَرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ الْوِقَايَةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْخُرُوجُ لِمَسْجِدِ حَيِّهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا وَلَا مُؤَذِّنًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ خُرُوجُهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَنْدُوبَةٌ، فَلَا يَرْتَكِبُ الْمَكْرُوهَ لِأَجْلِ الْمَنْدُوبِ وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ.

قُلْت: لَكِنَّ تَتِمَّةَ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ هَكَذَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ، وَلَوْ صَلَّى فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ أَيْضًا لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَخْرُجَ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ فَتَأَمَّلْ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُصَلُّوا فِيهِ تَبَعًا لِمَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّوْا فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَخْرُجُ نِهَايَةٌ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ بِالدُّخُولِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِأُسْتَاذِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى حَيِّهِ أَيْ أَوْ لِمَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ ثُمَّ لِلْمُتَفَقِّهِ جَمَاعَةُ مَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ لِأَجْلِ دَرْسِهِ أَوْ لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ أَوْ لِسَمَاعِ مَجْلِسِ، الْعَامَّةِ أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابَيْنِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الدَّرْسِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّرْسُ مِمَّا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>