أَوْ لِحَاجَةٍ وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَعُودَ نَهْرٌ (وَ) إلَّا (لِمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ) وَحْدَهُ (مَرَّةً) فَلَا يُكْرَهُ خُرُوجُهُ بَلْ تَرْكُهُ لِلْجَمَاعَةِ (إلَّا عِنْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْإِقَامَةِ) فَيُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْجَمَاعَةَ بِلَا عُذْرٍ. بَلْ يَقْتَدِي مُتَنَفِّلًا لِمَا مَرَّ (وَ) إلَّا (لِمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ مَرَّةً) فَيَخْرُجُ مُطْلَقًا (وَإِنْ أُقِيمَتْ) لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ، وَفِي الْمَغْرِبِ أَحَدُ الْمَحْظُورَيْنِ الْبُتَيْرَاءُ أَوْ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ بِالْإِتْمَامِ.
وَفِي النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ خُرُوجُهُ لِأَنَّ كَرَاهَةَ مُكْثِهِ بِلَا صَلَاةٍ أَشَدُّ.
قُلْت: أَفَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّ كَرَاهَةَ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ تَنْزِيهِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
تَعَلُّمُهُ عَلَيْهِ. وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ أَنَّ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْبَحْرِ فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ وَارِدٌ هُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ لِحَاجَةٍ إلَخْ) بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ أَخَذَهُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ بَلْ تَرْكُهُ لِلْجَمَاعَةِ) يَعْنِي أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ الْمَفْهُومَ مِنْ الِاسْتِئْنَاءِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ الْمُرَادُ نَفْيُ كَرَاهَةِ الْخُرُوجِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ؛ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ سَبَبُهُ، وَهُوَ كَوْنُهُ قَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لِيَخْرُجَ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ.
[تَنْبِيهٌ] يُعْلَمُ مِنْ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا مِنْهَا أَتَمَّ ثُمَّ اقْتَدَى مُتَنَفِّلًا أَنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ جَمَاعَةً مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ تَجِبُ إعَادَتُهَا. وَزَادَ ابْنُ الْهُمَامِ وَغَيْرُهُ: وَمَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا أَوْ وُجُوبِهَا لِوُجُودِ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَرَكَهَا بِعُذْرٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي جَوَابٌ شَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ كَانَ مُقِيمَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ فِي خُرُوجِهِ تُهْمَةً. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى، وَالتُّهْمَةُ هُنَا نَشَأَتْ مِنْ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا، فَإِذَا خَرَجَ يُؤَيِّدُهَا، بِخِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْوِقَايَةِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ، فَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا كَانَ مُقِيمَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَخَرَجَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى، وَهُنَا فِيمَا إذَا كَانَ صَلَّى وَقَدْ اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَالْمُرَادُ بِمُقِيمِ الْجَمَاعَةِ مَنْ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُهَا نَحْوُ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُؤَذِّنُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إحْرَازٌ لِلنَّفْلِ وَالْجَمَاعَةِ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ أُقِيمَتْ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ ط.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ الْأَذَانِ لِمَنْ كَانَ صَلَّى وَحْدَهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ فَقَطْ لَا قَبْلَهُ.
[تَنْبِيهٌ] الْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ هُنَا شُرُوعُ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَا بِمَعْنَى الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ الْبُتَيْرَاءُ) تَصْغِيرُ الْبَتْرَاءِ: وَهِيَ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ الَّتِي لَا ثَانِيَةَ لَهَا، وَالثَّلَاثُ تَسْتَلْزِمُهَا، لَكِنْ إنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا بِأَنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ؛ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ فَسَدَتْ، فَيَقْضِي أَرْبَعًا كَمَا لَوْ نَذَرَ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى فِيهَا فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ أَشَدُّ) أَيْ مِنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَمِنْ الْبُتَيْرَاءِ، لِقَوْلِ الْمُحِيطِ: لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ وِزْرٌ عَظِيمٌ.
قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ بِأَنَّ الْخُرُوجَ أَوْلَى لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ أَقَلُّ كَرَاهَةً تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي الْمَغْرِبِ أَحَدُ الْمَحْظُورَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ أَشَدُّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهَا كَرَاهَةٌ شَدِيدَةٌ وَهِيَ التَّحْرِيمِيَّةُ، لَكِنْ قَالَ ح: مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ وَصَاحِبُ