للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ يُفْتَى جَوْهَرَةٌ. وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَمَنْدُوبٌ لَا يُقْضَى أَصْلًا

(وَلَا يَكُونُ مُصَلِّيًا جَمَاعَةً) اتِّفَاقًا (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ) لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِبَعْضِهَا (لَكِنَّهُ أَدْرَكَ فَضْلَهَا) وَلَوْ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ اتِّفَاقًا، لَكِنَّ ثَوَابَهُ دُونَ الْمُدْرِكِ لِفَوَاتِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَاللَّاحِقُ كَالْمُدْرِكِ لِكَوْنِهِ مُؤْتَمًّا حُكْمًا (وَكَذَا مُدْرِكُ الثَّلَاثِ) لَا يَكُونُ مُصَلِّيًا بِجَمَاعَةٍ (عَلَى الْأَظْهَرِ) . وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ.

(وَإِذَا أَمِنَ فَوْتَ الْوَقْتِ تَطَوَّعَ) مَا شَاءَ (قَبْلَ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَا) بَلْ يَحْرُمُ التَّطَوُّعُ لِتَفْوِيتِهِ الْفَرْضَ (وَيَأْتِي بِالسُّنَّةِ) مُطْلَقًا (وَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا عَلَى الْأَصَحِّ) لِكَوْنِهَا مُكَمِّلَاتٍ؛ وَأَمَّا فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلِزِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ، ثُمَّ قَوْلُ الدُّرَرِ: وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْمَنْظُومَةِ وَشَرْحِهَا: الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْإِمَامَيْنِ رِوَايَتَانِ ح عَنْ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) أَقُولُ: وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْفَتْحِ تَقْدِيمَ الرَّكْعَتَيْنِ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ يُصَلِّيهِنَّ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ» وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ اهـ وَالْحَدِيثُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَمَنْدُوبٌ) يَعْنِي قَدْ عُلِمَ حُكْمُ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ النَّوَافِلِ الْقَبْلِيَّةَ إلَّا سُنَّةُ الْعَصْرِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا لَا تُقْضَى لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَكَذَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ، لَكِنْ لَا تُقْضَى لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ.

أَقُولُ: وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ قَضَاءَ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ لِسُنِّيَّتِهِمَا، وَلَوْ كَانَتَا مَنْدُوبَتَيْنِ لَمْ تُقْضَيَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ قَضَاءَهُمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ فَيَبْقَى مَا وَرَاءَ النَّصِّ عَلَى الْعَدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ حَتَّى لَوْ وَرَدَ نَصٌّ فِي قَضَاءِ الْمَنْدُوبِ نَقُولُ بِهِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك مَا فِي قَوْلِ الْإِمْدَادِ: إنَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ مَنْدُوبَةٌ فَلَا مَانِعَ مِنْ قَضَائِهَا بَعْدَ الَّتِي تَلِي الْعِشَاءَ. اهـ. نَعَمْ لَوْ قَضَاهَا لَا تَكُونُ مَكْرُوهَةً بَلْ تَقَعُ نَفْلًا مُسْتَحَبًّا، لَا عَلَى أَنَّهَا هِيَ الَّتِي فَاتَتْ عَنْ مَحَلِّهَا كَمَا قَالُوهُ فِي سُنَّةِ التَّرَاوِيحِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ مُصَلِّيًا جَمَاعَةً إلَخْ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ جَمَاعَةً لَا يَحْنَثُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ اتِّفَاقًا؛ وَفِي الثَّلَاثِ الْخِلَافُ الْآتِي، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَوْضِعُهَا كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَذَكَرَهَا هُنَا كَالتَّوْطِئَةِ لِقَوْلِهِ بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا، إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَيْنَ إدْرَاكِ الْفَضْلِ وَالْجَمَاعَةِ تَلَازُمًا، فَاحْتَاجَ إلَى دَفْعِهِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ) لَيْسَ قَيْدًا، إذْ الثُّنَائِيُّ وَالثُّلَاثِيُّ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَكَذَا مُدْرِكُ الثَّلَاثِ ح.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَدْرَكَ فَضْلَهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الشَّيْءِ فَقَدْ أَدْرَكَهُ، وَلِذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ حَنِثَ بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ فِي الْهِدَايَةِ مُحَمَّدًا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي تَشَهُّدِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُدْرِكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ هُنَا لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْأَقَلِّ، فَدَفَعَ ذَلِكَ الْوَهْمَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ دُونَ الْمُدْرِكِ) أَيْ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَحَصَّلَ فَضْلَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ مَعَهُ؛ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ فَاتَتْهُ التَّكْبِيرَةُ، فَضْلًا عَمَّنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ. وَقَدْ صَرَّحَ الْأُصُولِيُّونَ بِأَنَّ فِعْلَ الْمَسْبُوقِ أَدَاءٌ قَاصِرٌ بِخِلَافِ الْمُدْرِكِ فَإِنَّهُ أَدَاءٌ كَامِلٌ.

(قَوْلُهُ وَاللَّاحِقُ كَالْمُدْرِكِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَمَّا اللَّاحِقُ فَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَا يَقْضِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَدَاءٌ شَبِيهٌ بِالْقَضَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ كَالْمُدْرِكِ لِكَوْنِهِ خَلَفَ الْإِمَامَ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ فَيَقْتَضِي أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ وَلَوْ فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ الْأَكْثَرُ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا بَعْدَ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ لَا الْمُدْرِكِ، وَفِي اللَّاحِقِ تَصْحِيحَانِ. وَظَاهِرُ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ هُنَاكَ تَأْيِيدُ الْفَسَادِ، وَقَدَّمْنَا مَا يُقَوِّيهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَكَذَا مُدْرِكُ الثَّلَاثِ) وَمُدْرِكُ الثِّنْتَيْنِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ كَذَلِكَ؛ وَأَمَّا مُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ الثُّنَائِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا فِي مُدْرِكِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيِّ.

(قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ) أَيْ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>