للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ فَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ لَمْ يُدْرِكْ) الْمُؤْتَمُّ (الرَّكْعَةَ) لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ فِي جُزْءٍ مِنْ الرُّكْنِ شَرْطٌ وَلَمْ تُوجَدْ فَيَكُونُ مَسْبُوقًا فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ وَلَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُدْرِكًا لَهَا فَيَكُونُ لَاحِقًا

ــ

[رد المحتار]

هَذَا الرَّغِيفَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ كُلِّهِ، فَإِنَّ الْأَكْثَرَ لَا يُقَامُ مَقَامَ الْكُلِّ

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَمِنَ فَوْتَ الْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الْكَنْزِ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهُوَ كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ فَنَقُولُ: إنَّ التَّطَوُّعَ عَلَى وَجْهَيْنِ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهِيَ الرَّوَاتِبُ. وَغَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَهِيَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ وَالْمُصَلِّي لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَرْضَ جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا؛ فَإِنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ قَطْعًا، فَلَا يُخَيَّرُ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ لِكَوْنِهَا مُؤَكَّدَةً، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّيهِ مُنْفَرِدًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي رِوَايَةٍ. وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ فِي الْفَرْضِ، وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ، وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِيهَا لَمْ يُفَرِّقْ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، إلَّا إذَا خَافَ الْفَوْتَ لِأَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهِ وَاجِبٌ؛ وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُصَلِّي فِيهِ مُطْلَقًا اهـ أَيْ سَوَاءٌ صَلَّى الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى هَذَا الْإِجْمَالَ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ زَادَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَيَأْتِي بِالسُّنَّةِ وَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَصْرِيحًا بِمَا أَجْمَلَهُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَعَ الْإِمَامِ يَتْرُكُ سُنَّتَهُ وَإِذَا خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ مِنْ الظُّهْرِ يَتْرُكُ سُنَّتَهُ، فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَدْ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَكَذَا صَاحِبُ النَّهْرِ وَالشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْعَجَبِ، فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَيْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَأَى الْإِمَامَ صَلَّى وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ لِفَوْتِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ لِكَوْنِهَا مُكَمِّلَةً وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَنَصُّهَا: مَنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا فَهَلْ يَأْتِي بِالسُّنَنِ؟ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَأْتِي بِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا إذَا أَدَّى الْفَرْضَ بِالْجَمَاعَةِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فَحِينَئِذٍ يَتْرُكُ اهـ فَتَوَهُّمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا تَفْوِيتُ الْجَمَاعَةِ فِي غَايَةِ الْعَجَبِ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ التَّعَجُّبُ مِنْ أَنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرَرِ لِبَيَانِ هَذَا الْإِشْكَالِ.

هَذَا، وَقَدْ قَرَّرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الدُّرَرِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ قَالَ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهُ، فَإِنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ وَالْمِنَحِ قَدْ خَلَطَا وَخَبَطَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَلْطًا فَاحِشًا

(قَوْلُهُ فَوَقَفَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ انْحَطَّ فَرَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَتْحٌ. وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَوَقَفَ بِلَا عُذْرٍ أَيْ بِأَنْ أَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ فَوَقَفَ وَلَمْ يَرْكَعْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا خِلَافُ زُفَرَ؛ فَعِنْدَهُ إذَا أَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ فَلَمْ يَرْكَعْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيمَا لَهُ حُكْمُ الْقِيَامِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ) أَيْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مُتَابَعَةٌ عَلَى وَجْهِ الْمُشَارَكَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ هَذَا مُشَارَكَةٌ لَا فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ وَلَا فِي الرُّكُوعِ فَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ إذْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ مُسَمَّى الِاقْتِدَاءِ بَعْدُ، بِخِلَافِ مَنْ شَارَكَهُ فِي الْقِيَامِ ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْ الرُّكُوعِ لِتَحَقُّقِ مُسَمَّى الِاقْتِدَاءِ مِنْهُ بِتَحَقُّقِ جَزْءِ مَفْهُومِهِ، فَلَا يَنْتَقِضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّخَلُّفِ لِتَحَقُّقِ مُسَمَّى اللَّاحِقِ فِي الشَّرْعِ اتِّفَاقًا وَهُوَ بِذَلِكَ وَإِلَّا انْتَفَى هَذَا، وَكَذَلِكَ فِي الْفَتْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>