للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ الْقَعْدَةِ لِقُوَّتِهَا، بِخِلَافِ الصُّلْبِيَّةِ فَإِنَّهَا تَرْفَعُهُمَا وَكَذَا التِّلَاوِيَّةُ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ فِي الْقُعُودِ الْأَخِيرِ فِي الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ فِيهِمَا احْتِيَاطًا (إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا) فَلَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ، أَوْ احْمَرَّتْ فِي الْقَضَاءِ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ بَعْدَ السَّلَامِ سَقَطَ عَنْهُ فَتْحٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ

ــ

[رد المحتار]

وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ، وَكَذَا يَرْفَعُ السَّلَامَ إمْدَادٌ.

(قَوْلُهُ لِقُوَّتِهَا) أَيْ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ لِكَوْنِهَا فَرْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَرْفَعُهُمَا) أَيْ الْقَعْدَةَ وَالتَّشَهُّدَ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا رُكْنًا، وَالْقَعْدَةُ لِخَتْمِ الْأَرْكَانِ إمْدَادٌ، أَوْ لِأَنَّ الصُّلْبِيَّةَ رُكْنٌ أَصْلِيٌّ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ لَا تَكُونُ إلَّا آخِرَ الْأَرْكَانِ، وَبِسُجُودِ الصُّلْبِيَّةِ بَعْدَهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا آخِرًا.

(قَوْلُهُ وَكَذَا التِّلَاوِيَّةُ) لِأَنَّهَا أَثَرُ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ رُكْنٌ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا بَحْرٌ أَيْ تَأْخُذُ حُكْمَهَا بَعْدَ سُجُودِهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، بِخِلَافِ الصُّلْبِيَّةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ أَصْلِيٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَنَظِيرُهَا فِيمَا ذَكَرْنَا مَا لَوْ نَسِيَ السُّورَةَ فَتَذَكَّرَهَا فِي الرُّكُوعِ فَعَادَ وَقَرَأَهَا أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ وَارْتَفَضَ الرُّكُوعُ فَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ.

[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْعَوْدَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا نَسِيَهُ يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى التِّلَاوِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ. وَذَكَرَ ابْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهَا. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا) أَيْ لِأَدَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ احْمَرَّتْ فِي الْقَضَاءِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَدِّي الْعَصْرَ فَاحْمَرَّتْ الشَّمْسُ لَا يَسْقُطُ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ صَالِحٌ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا فَكَذَا لِسُجُودِ سَهْوِهَا، بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ الْوَاجِبَةِ فِي كَامِلٍ، لَكِنْ فِي الْإِمْدَادِ عَنْ الدِّرَايَةِ التَّصْرِيحُ بِسُقُوطِهِ إذَا احْمَرَّتْ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ فَائِتَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَرَاهَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَضَاءَ: هُنَا غَيْرُ قَيْدٍ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ صَلَّى الْعَصْرَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَاصْفَرَّتْ الشَّمْسُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْبَدَائِعِ عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ السَّجْدَةَ تَجْبُرُ النُّقْصَانَ الْمُتَمَكِّنَ فَجَرَى مَجْرَى الْقَضَاءِ وَقَدْ وَجَبَتْ كَامِلَةً فَلَا تُقْضَى بِالنَّاقِصِ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ) كَحَدَثِ عَمْدٍ وَعَمَلٍ مُنَافٍ إمْدَادٌ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ) تَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ طَلَعَتْ وَاحْمَرَّتْ وَوُجِدَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِمْدَادِ.

(قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ بِالْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ يَعُودُ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَقَدْ فَاتَ شَرْطُ صِحَّتِهَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ، وَمِثْلُهُ خُرُوجُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ. وَأَمَّا فِي احْمِرَارِ الشَّمْسِ فِي الْقَضَاءِ فَكَذَلِكَ. وَأَمَّا فِي الْأَدَاءِ فَلِئَلَّا يَعُودَ إلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ بَعْدَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِلَا كَرَاهَةٍ تَأَمَّلْ. بَقِيَ إذَا سَقَطَ السُّجُودُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِكَوْنِ مَا أَدَّاهُ أَوَّلًا وَقَعَ نَاقِصًا بِلَا جَابِرٍ. وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ سَقَطَ بِصُنْعِهِ كَحَدَثِ عَمْدٍ مَثَلًا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ بِرَمْزِ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ تَطَوَّعَ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ بَنَى عَلَى الْفَرْضِ تَطَوُّعًا وَقَدْ سَهَا فِي الْفَرْضِ لَا يَسْجُدُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ بِنَاءَ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ يُصَيِّرُهُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ، وَلِذَا كَانَ الْبِنَاءُ فِيهِ مَكْرُوهًا لِأَنَّ النَّفَلَ صَلَاةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْفَرْضِ؛ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سُجُودُ السَّهْوِ لِصَلَاةٍ وَاقِعًا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مَقْصُودَةٍ وَإِنْ كَانَتْ تَحْرِيمَةُ الْفَرْضِ بَاقِيَةً فَلِذَا لَا يَسْجُدُ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا بَنَى النَّفَلَ عَمْدًا صَارَ مُؤَخِّرًا لِلسَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ عَمْدًا، وَالْعَمْدُ لَا يَجْبُرُهُ سُجُودُ السَّهْوِ بَلْ تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ؛ وَحَيْثُ كَانَتْ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً لَمْ يَبْقَ السُّجُودُ وَاجِبًا عَنْ سَهْوِهِ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّهُ بِالْإِعَادَةِ يَأْتِي بِمَا سَهَا فِيهِ، وَالسُّجُودُ جَابِرٌ عَمَّا فَاتَ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِعَادَةِ، فَإِذَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ سَقَطَ السُّجُودُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ وَسَجَدَ لِلْخَامِسَةِ ضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً لِتَصِيرَ لَهُ الرَّكْعَتَانِ نَفْلًا لِأَنَّ هَذَا النَّفَلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ صَلَاةً أُخْرَى وَلِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ سَلَامَ الْفَرْضِ عَنْ مَحَلِّهِ عَمْدًا فَلَمْ تَكُنْ الْإِعَادَة عَلَيْهِ وَاجِبَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>