للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَا لَمْ يَسْتَقِمْ قَائِمًا) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتْحٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اسْتَقَامَ قَائِمًا (لَا) يَعُودُ لِاشْتِغَالِهِ بِفَرْضِ الْقِيَامِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِتَرْكِ الْوَاجِبِ (فَلَوْ عَادَ إلَى الْقُعُودِ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) لِرَفْضِ الْفَرْضِ لِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ وَصَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَقِيلَ لَا) تَفْسُدُ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا وَيَسْجُدُ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ (وَهُوَ الْأَشْبَهُ) كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ؛ أَمَّا الْمُؤْتَمُّ فَيَعُودُ

ــ

[رد المحتار]

وَصَحَّحَ اعْتِبَارَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ بِمَا فِي الْكَافِي إنْ اسْتَوَى النِّصْفُ الْأَسْفَلُ وَظَهْرٌ بَعْدُ مُنْحَنٍ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقُعُودِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ تَنُوبُ عَنْ الْقِيَامِ فِي مَرِيضٍ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ، حَتَّى لَوْ ظَنَّ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا حَالَةَ الْقِيَامِ فَقَرَأَ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.

(قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ: إنْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ عَادَ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَلَا وَعَلَيْهِ السَّهْوُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ مَشَايِخُ بُخَارَى وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَمَشَى فِي نُورِ الْإِيضَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ كَالْمُصَنَّفِ تَبَعًا لِمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَشَرْحِهِ الْبُرْهَانُ. قَالَ: وَلِصَرِيحِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، وَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» . اهـ.

قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: إنَّهُ نَصٌّ فِيهِ يُفِيدُ تَعَيُّنَ الْعَمَلِ بِهِ لَوْلَا مَا فِي ثُبُوتِهِ مِنْ النَّظَرِ، فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ جَارِحُوهُ أَكْثَرُ مِنْ مُوَثَّقِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ: مَا رَأَيْت أَكْذَبَ مِنْهُ، فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ شَيْخُنَا فِي التَّقْرِيبِ رَافِضِيٌّ ضَعِيفٌ انْتَهَى فَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِحَدِيثِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ اسْتَقَامَ قَائِمًا) أَفَادَ أَنْ لَا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا نَافِيَةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ، وَهُوَ نَفْيٌ أَيْضًا فَكَانَ إثْبَاتًا أَفَادَهُ ط.

(قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ الْقُعُودُ (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَمَا اسْتَقَامَ قَائِمًا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَادَ بَعْدَ مَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ لَوْ عَادَ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِ عَدَمِهِ اخْتَلَفُوا فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا) أَيْ وَيَأْثَمُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا لَا يَعُودُ مَعَهُ الْقَوْمُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِلْحَالِ، شَرْحُ الْمُنْيَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وَهُوَ الْقِيَامُ أَوْ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْقُعُودُ ط.

(قَوْلُهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ) أَيْ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَكِنَّهُ بِالصِّحَّةِ لَا يُخِلُّ لِمَا عُرِفَ أَنَّ زِيَادَةَ مَا دُونَ رَكْعَةٍ لَا يُفْسِدُ، وَقَوَّاهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ عَدَمَ الْفَسَادِ بِالْعَوْدِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا بِمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى لَوْ عَادَ بَعْدَ الِانْتِصَابِ مُخْطِئًا، قِيلَ يَتَشَهَّدُ لِنَقْضِهِ الْقِيَامَ وَالصَّحِيحُ لَا، بَلْ يَقُومُ، وَلَا يَنْتَقِضُ قِيَامُهُ بِقُعُودٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ كَمَنْ نَقَضَ الرُّكُوعَ لِسُورَةٍ أُخْرَى لَا يَنْتَقِضُ رُكُوعُهُ اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ فِي النَّهْرِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ) كَأَنَّ وَجْهَهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، أَوْ مَا فِي الْمُبْتَغَى مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَرْكٍ بَلْ هُوَ تَأْخِيرٌ كَمَا لَوْ سَهَا عَنْ السُّورَةِ فَرَكَعَ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الرُّكُوعَ وَيَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيَقْرَأُ، وَكَمَا لَوْ سَهَا عَنْ الْقُنُوتِ فَرَكَعَ فَإِنَّهُ لَوْ عَادَ وَقَنَتَ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ بِإِبْدَاءِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَادَ وَقَرَأَ السُّورَةَ صَارَتْ فَرْضًا فَقَدْ عَادَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ وَكَذَا فِي الْقُنُوتِ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةَ الْقُرْآنِيَّةِ أَوْ عَادَ إلَى فَرْضٍ وَهُوَ الْقِيَامُ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ طُولُهُ يَقَعُ فَرْضًا. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقُنُوتَ الَّذِي قِيلَ إنَّهُ كَانَ قُرْآنًا فَنُسِخَ هُوَ الدُّعَاءُ الْمَخْصُوصُ وَهُوَ سُنَّةٌ، فَلَا يَلْزَمُ قِرَاءَتُهُ بَلْ قَدْ يُقْرَأُ غَيْرُهُ، وَكَوْنُهُ عَادَ إلَى فَرْضٍ وَهُوَ الْقِيَامُ مَمْنُوعٌ بَلْ عَادَ إلَى الْقِيَامِ الَّذِي هُوَ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرُّكُوعَ لَمْ يَرْتَفِضْ بِعَوْدِهِ لِأَجْلِ الْقُنُوتِ، فَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْفَرْضِ لَا تَرْكُهُ، فَهُوَ مِثْلُ عَوْدِهِ إلَى الْقُعُودِ فِي مَسْأَلَتِنَا، نَعَمْ بَحْثُهُ فِي عَوْدِهِ إلَى الْقِرَاءَةِ مُسَلَّمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ إلَخْ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَنْعِهِ عَنْ الْعَوْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>