حَتْمًا وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ سِرَاجٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ بَحْرٌ. قُلْت: وَفِيهِ كَلَامٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْوَاجِبِ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ نَهْرٌ، وَلَنَا فِيهَا رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ فَرَاجَعَهَا.
(وَلَوْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (عَادَ) وَيَكْفِي كَوْنُ كِلَا الْجِلْسَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدَ (مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِسَجْدَةٍ) لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ مَحَلُّ الرَّفْضِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِتَأْخِيرِ الْقُعُودِ (وَإِنْ قَيَّدَهَا) بِسَجْدَةٍ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُخْطِئًا (تَحَوَّلَ فَرْضُهُ نَفْلًا بِرَفْعِهِ) الْجَبْهَةَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ،
ــ
[رد المحتار]
إلَى الْقُعُودِ بَعْدَ الْقِيَامِ؛ وَالْخِلَافُ فِي الْفَسَادِ لَوْ عَادَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا الْمُقْتَدِي الَّذِي سَهَا عَنْ الْقُعُودِ فَقَامَ وَإِمَامُهُ قَاعِدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِأَنَّ قِيَامَهُ قَبْلَ إمَامِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَلَيْسَ فِي عَوْدِهِ رَفْضُ الْفَرْضِ، بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ: إنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَذَكَرَ بَعْدَ مَا قَامَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَيَتَشَهَّدَ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لِلُزُومِ الْمُتَابَعَةِ، كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَقَعَدَ مَعَهُ فَقَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَسْبُوقِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ تَبَعًا لِتَشَهُّدِ إمَامِهِ فَكَذَا هَذَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ) أَيْ الثَّالِثَةِ مَعَ الْإِمَامِ ط.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ تَعْلِيلُ السِّرَاجِ بِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ ط وَكَذَا تَعْلِيلُ الْقُنْيَةِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا فِي السُّنَنِ وَالظَّاهِرُ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّ السُّنَنَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الصَّلَاةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالْمُقْتَدِي غَالِبًا، وَقَوْلُهُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ وَلَوْ بَعْدَ إتْيَانِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُشَارَكَةَ فِي جُزْءٍ مِنْهُ ط.
قُلْت: وَعَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ يُشْكَلُ الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْقِيَامِ الْفَرْضِ مَعَ إمَامِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَنَا فِيهَا رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهَا؛ وَلَكِنْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَابَعَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ) أَرَادَ بِهِ الْقُعُودَ الْمَفْرُوضَ أَوْ مَا كَانَ آخِرَ الصَّلَاةِ، فَيَشْمَلُ نَحْوَ الْفَجْرِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ) كَمَا لَوْ جَلَسَ جَلْسَةً خَفِيفَةً أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَإِذَا عَادَ اُحْتُسِبَتْ لَهُ الْجَلْسَةُ الْأُولَى، حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِلْتَا الْجِلْسَتَيْنِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَكَلَّمَ جَازَتْ صَلَاتُهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَجَدَ لَهَا بِلَا رُكُوعٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَذَا السُّجُودِ كَمَا فِي النَّهْرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَرَأَ فِيهَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ خِلَافُهُ، وَلِذَا اسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الرَّكْعَةَ فِي النَّفْلِ بِلَا قِرَاءَةٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، فَكَانَتْ زِيَادَةَ مَا دُونَ رَكْعَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ. قَالَ فِي النَّهْرِ: إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ إتْمَامُ الرَّكْعَةِ بِلَا قِرَاءَةٍ كَمَا فِي الْمُقْتَدِي، بِخِلَافِ الْخَالِيَةِ عَنْ الرُّكُوعِ.
(قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ لَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْجُدَ فِيمَا إذَا كَانَ إلَيْهِ أَقْرَبَ كَمَا فِي الْأُولَى لِمَا سَبَقَ. قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الْقُعُودِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِقَاعِدٍ حَقِيقَةً، فَاعْتُبِرَ جَانِبُ الْحَقِيقَةِ فِيمَا إذَا سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ وَأُعْطِيَ حُكْمَ الْقَاعِدِ فِي السَّهْوِ عَنْ الْأُولَى إظْهَارًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ الْقُعُودِ) عَلَّلَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا فَقَالُوا: أَرَادَ بِهِ الْقَطْعِيَّ وَهُوَ الْفَرْضُ، يَعْنِي الْقُعُودَ الْأَخِيرَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَشْهُورِ وَكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ السَّلَامَ أَوْ التَّشَهُّدَ وَإِلَّا أُشْكِلَ الْفَرْقُ الْمَارُّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْعَوْدِ قَبْلَ السُّجُودِ وَالْبُطْلَانِ إنْ قُيِّدَ بِالسُّجُودِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَإِنْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ عَامِدًا أَيْضًا لَا تَفْسُدُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلِّ الْمَتْنِ، فَيَكُونُ مُحَمَّدٌ قَائِلًا بِتَحَوُّلِهَا نَفْلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِبُطْلَانِ الْفَرِيضَةِ، وَكُلَّمَا بَطَلَ الْفَرْضُ عِنْدَهُ بَطَلَ الْأَصْلُ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِرَفْعِهِ، فَيَكُونُ الْمَتْنُ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الْأَصْلِ