وَتَغْيِيرَ تَأْلِيفِهِ وَاتِّبَاعُ النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ مَأْمُورٌ بِهِ بَدَائِعُ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ (لَا) يُكْرَهُ (عَكْسُهُ وَ) لَكِنْ (نُدِبَ ضَمُّ آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ إلَيْهَا) قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لِدَفْعِ وَهْمِ التَّفْضِيلِ إذْ الْكُلُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ فِي رُتْبَةٍ وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهَا زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى صِفَاتِهِ تَعَالَى وَاسْتُحْسِنَ إخْفَاؤُهَا عَنْ سَامِعٍ غَيْرِ مُتَهَيِّئٍ لِلسُّجُودِ. وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مُتَشَاغِلٍ بِعَمَلٍ وَلَا يَسْمَعُهَا وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ زَجْرًا لَهُ عَنْ تَشَاغُلِهِ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ فَنُزِّلَ سَامِعًا لِأَنَّهُ بِعُرْضَةِ أَنْ يَسْمَعَ
(وَلَوْ سَمِعَ آيَةَ سَجْدَةٍ) مِنْ قَوْمٍ (مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (حَرْفًا لَمْ يَسْجُدْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْ تَالٍ خَانِيَّةٌ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ اتِّحَادَ التَّالِي شَرْطٌ.
[مُهِمَّةٌ لِكُلِّ مُهِمَّةٍ] فِي الْكَافِي:
ــ
[رد المحتار]
مِنْ السَّجْدَةِ وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ وَتَغْيِيرَ تَأْلِيفِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ح.
(قَوْلُهُ مَأْمُورٌ بِهِ) قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨] أَيْ تَأْلِيفَهُ فَتْحٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعَنْ الْبَدَائِعِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ عَكْسُهُ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ بَيْنِ السُّورَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَةُ مَا هُوَ مِنْ الْقُرْآنِ طَاعَةٌ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ مِنْ بَيْنِ السُّوَرِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَا تَحْرِيمًا وَلَا تَنْزِيهًا لِأَنَّهُ جَعَلَ قِرَاءَةَ الْآيَةِ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي قِرَاءَةِ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ أَصْلًا فَكَذَا الْآيَةُ الْوَاحِدَةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرْنَا مِرَارًا أَنَّ تَرْكَ الْمَنْدُوبِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا إلَّا بِدَلِيلٍ فَتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ اهـ أَمَّا فِيهَا فَمَكْرُوهٌ قُهُسْتَانِيُّ.
قُلْت: وَبَيَّنَ وَجْهَهُ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ قَالُوا وَيَجِبُ أَنْ يُكْرَهَ فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى آيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ قِرَاءَةُ ثَلَاثِ آيَاتٍ لَا لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ فِي الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا) أَخَذَ التَّعْمِيمَ مِنْ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ إنْ قَرَأَ مَعَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ فَهُوَ أَحَبُّ وَكَذَا عَبَّرَ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوا التَّعْمِيمَ مِنْ عُمُومِ التَّعْلِيلِ إذْ دَفْعُ الْوَهْمِ لَا يَخْتَصُّ بِمَا قَبْلَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا قَرَأَ آيَةً قَبْلَهَا وَآيَةً بَعْدَهَا وَتَشْمَلُهُ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى صِفَاتِهِ تَعَالَى) فَزِيَادَةُ الْفَضِيلَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ لَا بِاعْتِبَارِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ قُرْآنٌ بَحْرٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْكُلُ مَا وَرَدَ مِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ إخْفَاؤُهَا إلَخْ) لِأَنَّهُ لَوْ جَهَرَ بِهَا لَصَارَ مُوجِبًا عَلَيْهِمْ شَيْئًا رُبَّمَا يَتَكَاسَلُونَ عَنْ أَدَائِهِ فَيَقَعُونَ فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِنْ كَانُوا مُتَهَيَّئِينَ جَهَرَ بِهَا بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنْ لَا يَشُقَّ عَلَيْهِ أَدَاءُ السَّجْدَةِ فَإِنْ وَقَعَ أَخْفَاهَا اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِمْ أَنْ يُخْفِيَهَا نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ إلَخْ) أَقُولُ: صَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي الذَّخِيرَةِ والتتارخانية كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحِلْيَةِ. نَعَمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِي حَقِّ السَّامِعِ شَرْطٌ أَوْ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَلَمْ يُوجَدْ، فَلَا يُوجَدُ الْوُجُوبُ الَّذِي هُوَ الْمَشْرُوطُ أَوْ الْمُسَبَّبُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْوُجُوبِ، كَمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى فَلْيَكُنْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُعْتَمَدِ الْوُجُوبَ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُتَشَاغِلَ نَزَّلَ سَامِعًا لِأَنَّهُ بِعَرَضَةِ أَنْ يَسْمَعَ وَاللَّائِقُ بِهِ أَنْ يُكَلَّفَ بِهِ زَجْرًا لَهُ عَنْ تَشَاغُلِهِ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ اهـ مَا فِي الْمِنَحِ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حَرْفًا) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلسَّجْدَةِ تِلَاوَةُ أَكْثَرِ الْآيَةِ مَعَ حَرْفِ السَّجْدَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ الْكَلِمَةُ وَيَكُونُ الْحَرْفُ الْحَقِيقِيُّ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى ح وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَقَدْ أَفَادَ) أَيْ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ بِتَعْلِيلِهِ الْمَذْكُورِ ط (قَوْلُهُ مُهِمَّةٌ لِكُلِّ مُهِمَّةٍ) أَيْ هَذِهِ فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَصْرِفَ الْمُسْلِمُ