للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّفَرِ (أَوْ يَنْوِيَ) وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا وَلَمْ يَكُ لَاحِقًا (إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ دَخَلَ الْحَاجُّ الشَّامَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا مَعَ الْقَافِلَةِ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ أَتَمَّ لِأَنَّهُ كَنَاوِي الْإِقَامَةِ (بِمَوْضِعٍ) وَاحِدٍ (صَالِحٍ لَهَا) مِنْ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ صَحْرَاءِ دَارِنَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ (فَيَقْصُرُ إنْ نَوَى) الْإِقَامَةَ (فِي أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ فِي نِصْفِ شَهْرٍ (أَوْ) نَوَى (فِيهِ

ــ

[رد المحتار]

وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَحِلَّ فِطْرُهُ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ يَوْمَانِ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النَّقْضَ قَبْلَ اسْتِحْكَامِهِ إذْ لَمْ يَتِمَّ عِلَّةً فَكَانَتْ الْإِقَامَةُ نَقْضًا لِلسَّفَرِ الْعَارِضِ، لَا ابْتِدَاءَ عِلَّةٍ لِلْإِتْمَامِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ، ثُمَّ بَحَثَ فَقَالَ: وَلَوْ قِيلَ الْعِلَّةُ مُفَارَقَةُ الْبُيُوتِ قَاصِدًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا اسْتِكْمَالَ سَفَرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ حُكْمِ السَّفَرِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَقَدْ تَمَّتْ الْعِلَّةُ لِحُكْمِ السَّفَرِ، فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ مَا لَمْ تَثْبُتْ عِلَّةُ حُكْمِ الْإِقَامَةِ احْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ. اهـ. وَلَمَّا قَوِيَ الْبَحْثُ عِنْدَ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَخَفِيَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ قَالَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ الْمِصْرَ مُطْلَقًا. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ إبْطَالَ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يَسْتَلْزِمُ إبْطَالَ الْمَدْلُولِ. اهـ.

أَقُولُ: وَيَظْهَرُ لِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْمَشَقَّةُ وَأُقِيمَ السَّفَرُ مَقَامَهَا وَلَكِنْ لَا تَثْبُتُ عِلِّيَّتُهَا إلَّا بِشَرْطِ ابْتِدَاءٍ وَشَرْطِ بَقَاءٍ، فَالْأَوَّلُ مُفَارَقَةُ الْبُيُوتِ قَاصِدًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالثَّانِي اسْتِكْمَالُ السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ ثَبَتَ حُكْمُهَا ابْتِدَاءً فَلِذَا يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ نَاوِيًا وَلَا يَدُومُ إلَّا بِالشَّرْطِ الثَّانِي فَهُوَ شَرْطٌ لِاسْتِحْكَامِهَا عِلَّةً فَإِذَا عَزَمَ عَلَى تَرْكِ السَّفَرِ قَبْلَ تَمَامِهِ بَطَلَ بَقَاؤُهَا عِلَّةً لِقَبُولِهَا النَّقْضَ قَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ وَمَضَى فِعْلُهُ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَلِذَا لَوْ لَمْ يَصِلْ لِعُذْرٍ ثُمَّ رَجَعَ يَقْضِيهَا مَقْصُورَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَتَدَبَّرْهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي أَوَّلِهَا أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُقْتَدِيًا مُدْرِكًا أَوْ مَسْبُوقًا بَحْرٌ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ السَّلَامِ وَالسُّجُودِ أَوْ بَعْدَهُمَا؛ أَمَّا لَوْ نَوَاهَا بَيْنَهُمَا فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهَا إلَى الْأَرْبَعِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ لِأَنَّهُ إذَا نَوَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَةٍ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ تَحَوَّلَ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ؛ أَمَّا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِيهَا ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَلَا يَتَحَوَّلُ فِي حَقِّ تِلْكَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُ لَاحِقًا) أَمَّا اللَّاحِقُ إذَا أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَالْإِمَامُ مُسَافِرٌ فَأَحْدَثَ أَوْ نَامَ فَانْتَبَهَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ لَمْ يُتِمَّ لِأَنَّ اللَّاحِقَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ خَلَفَ الْإِمَامَ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ فَقَدْ اسْتَحْكَمَ الْفَرْضُ فَلَا يَتَغَيَّرُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَكَذَا فِي حَقِّ اللَّاحِقِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ، فَقَيَّدَ حُكْمَ اللَّاحِقِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَرَكَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ يَنْوِيَ.

(قَوْلُهُ لَوْ دَخَلَ الْحَاجُّ) أَيْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ أَوْ قَبْلَهُ ح وَالْمُرَادُ بِالْحَاجِّ الرَّجُلُ الْقَاصِدُ الْحَجَّ.

(قَوْلُهُ وَعَلِمَ إلَخْ) أَيْ عَلِمَ أَنَّ الْقَافِلَةَ إنَّمَا تَخْرُجُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَزَمَ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا مَعَهُمْ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نِيَّةً لِلْإِقَامَةِ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ نَوَى الْخُرُوجَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِمَوْضِعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقَامَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا كَلَامِ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا لِصِحَّةِ النِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ صَالِحٍ لَهَا) هَذَا إنْ سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتَصِحُّ وَلَوْ فِي الْمَفَازَةِ، وَفِيهِ مِنْ الْبَحْثِ مَا قَدَّمْنَاهُ بَحْرٌ وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ تَكُونُ نَقْضًا لِلسَّفَرِ كَنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَى بَلَدِهِ وَالسَّفَرُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِهِ يَقْبَلُ النَّقْضَ (قَوْلُهُ أَوْ صَحْرَاءِ دَارِنَا) احْتِرَازٌ عَنْ صَحْرَاءِ دَارِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ كَحُكْمِ الْعَسْكَرِ الدَّاخِلِ فِي أَرْضِهِمْ ط.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَحْرَاءِ دَارِنَا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا مَعَ بَيَانِ مُحْتَرَزِهِ (قَوْلُهُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ مَا تَقَدَّمَ ط (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى فِيهِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>