مَوْضِعًا بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ فَيَقْصُرُونَ إنْ نَوَوْا سَفَرًا وَإِلَّا لَا وَلَوْ نَوَى غَيْرُهُمْ الْإِقَامَةَ مَعَهُمْ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ الْإِتْمَامِ سِتَّةٌ: النِّيَّةُ، وَالْمُدَّةُ، وَاسْتِقْلَالُ الرَّأْيِ، وَتَرْكُ السَّيْرِ، وَاتِّحَادُ الْمَوْضِعِ، وَصَلَاحِيَّتُهُ، قُهُسْتَانِيٌّ.
(فَلَوْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ إنْ قَعَدَ فِي) الْقَعْدَةِ (الْأُولَى تَمَّ فَرْضُهُ وَ) لَكِنَّهُ (أَسَاءَ) لَوْ عَامِدًا لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَتَرْكِ وَاجِبِ الْقَصْرِ وَوَاجِبِ تَكْبِيرَةِ افْتِتَاحِ النَّفْلِ وَخَلْطِ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ كَمَا حَرَّرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَ أَنْ فَسَّرَ أَسَاءَ بِأَثِمَ وَاسْتَحَقَّ النَّارَ (وَمَا زَادَ نَفْلٌ) كَمُصَلِّي الْفَجْرِ أَرْبَعًا (وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ بَطَلَ فَرْضُهُ) وَصَارَ الْكُلُّ نَفْلًا لِتَرْكِ الْقَعْدَةِ
ــ
[رد المحتار]
مَوْضِعِهِمْ وَالْمَوْضِعِ الَّذِي قَصَدُوهُ (قَوْلُهُ إنْ نَوَوْا سَفَرًا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا إذَا قَصَدُوا ح.
(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ اشْتِرَاطُ تَرْكِ السَّيْرِ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ سِتَّةٌ) زَادَ فِي الْحِلْيَةِ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ لَا تَكُونَ حَالَتُهُ مُنَافِيَةً لِعَزِيمَتِهِ قَالَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَسَائِلَ اهـ أَيْ كَمَسْأَلَةِ مَنْ دَخَلَ بَلْدَةً لِحَاجَةٍ وَمَسْأَلَةِ الْعَسْكَرِ فَافْهَمْ. ثُمَّ هَذِهِ شُرُوطُ الْإِتْمَامِ بَعْدَ تَحَقُّقِ مُدَّةِ السَّفَرِ وَإِلَّا فَلَا، فَلَوْ عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ قَبْلَ سَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى قَصْدِ قَطْعِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ إلَى بَلْدَتِهِ لِأَخْذِ حَاجَةٍ نَسِيَهَا كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ السَّيْرِ) أَيْ إذَا كَانَ فِي مَفَازَةٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيمَا سَيَدْخُلُهُ مِنْ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ وَقَدْ دَخَلَ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً وَهُوَ يَسِيرُ لِطَلَبِ مَنْزِلٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ حِلْيَةٌ.
(قَوْلُهُ وَصَلَاحِيَّتُهُ) أَيْ صَلَاحِيَّةُ الْمَوْضُوعِ لِلْإِقَامَةِ
(قَوْلُهُ إنْ قَعَدَ إلَخْ) لِأَنَّ الْقَعْدَةَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَرْضٌ عَلَى الْمُسَافِرِ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ، فَلَوْ تَرَكَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ اهـ.
وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا نَوَى أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ فِي الدُّرَرِ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ رَكْعَتَيْنِ لِمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ السَّاهِيَ لَوْ سَلَّمَ لِلْقَطْعِ يَسْجُدُ لِأَنَّهُ نَوَى تَغْيِيرَ الْمَشْرُوعِ فَتَلْغُو، كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ سِتًّا أَوْ نَوَى مُسَافِرٌ الظُّهْرَ أَرْبَعًا أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ.
قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
(قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ) مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنْ يَقُولَ لِتَرْكِهِ السَّلَامَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا صَلَّى خَامِسَةً بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِهِ السَّلَامَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ وَعَادَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَأْخِيرِهِ السَّلَامَ أَيْ سَلَامَ الْفَرْضِ وَمَسْأَلَتُنَا نَظِيرُ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ قُلْت: لَكِنَّ مَا هُنَا أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ وَاجِبِ الْقَصْرِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ وَاجِبٍ هُوَ الْقَصْرُ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ كَجَرْدِ قَطِيفَةٍ أَيْ الْقَصْرِ الْوَاجِبِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ فَرْضٍ كَمَا قَدَّمْنَا مَا يُفِيدُهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ هُنَا بِمَعْنَى الْفَرْضِ لَمَا صَحَّ وَإِنْ قَعَدَ فَافْهَمْ ثُمَّ إنَّ تَرْكَ وَاجِبِ الْقَصْرِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَرْكِ السَّلَامِ وَتَكْبِيرَةِ النَّفْلِ وَخَلْطِ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ زِيَادَةً عَلَى إثْمِهِ بِهَذِهِ اللَّوَازِمِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَوَاجِبِ تَكْبِيرَةِ إلَخْ) لِأَنَّ بِنَاءَ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ مَكْرُوهٌ وَهَذَا هُوَ خَلْطُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ رَحْمَتِيٌّ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَخَلْطِ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَا قَبْلَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ افْتِتَاحَ النَّفْلِ بِتَكْبِيرَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَاجِبٌ مَعَ أَنَّ بِنَاءَ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اللَّوَازِمِ الْأَرْبَعَةِ ط (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنَّ فَسَّرَ أَسَاءَ بِأَثِمٍ) وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِتَأْثِيمِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِسَاءَةَ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّ النَّارَ) أَيْ إذَا لَمْ يَتُبْ أَوْ يَعْفُ عَنْهُ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ط.
(قَوْلُهُ وَصَارَ الْكُلُّ نَفْلًا) أَيْ بِتَقْيِيدِهِ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَوْدِ قَبْلَهَا وَهَذَا عِنْدَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْوَصْفُ لَا يَبْطُلُ الْأَصْلُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
(قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْقَعْدَةِ)