يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (عَسْكَرٌ دَخَلَ أَرْضَ حَرْبٍ أَوْ حَاصَرَ حِصْنًا فِيهَا) بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّ (أَوْ) حَاصَرَ (أَهْلُ الْبَغْيِ فِي دَارِنَا فِي غَيْرِ مِصْرٍ مَعَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ مُدَّتَهَا) لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ (بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ) كَعَرَبٍ وَتُرْكُمَانٍ (نَوَوْهَا) فِي الْمَفَازَةِ فَإِذًا تَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ) وَبِهِ يُفْتَى إذَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ مَا يَكْفِيهِمْ مُدَّتَهَا لِأَنَّ الْإِقَامَةَ أَصْلٌ إلَّا إذَا قَصَدُوا
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ أَوْ حَاصَرَ حِصْنًا فِيهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُحَاصَرَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لِلْمَدِينَةِ أَوْ الْحِصْنِ بَعْدَ مَا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمُحَاصَرَةُ لِلْمِصْرِ عَلَى سَطْحِ الْبَحْرِ فَإِنَّ لِسَطْحِ الْبَحْرِ حُكْمَ دَارِ الْحَرْبِ حَمَوِيٌّ عَنْ شَرْحِ النَّظْمِ الْهَامِلِيِّ ط.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ) لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ لِأَجْلِ الْأَمَانِ بَحْرٌ عَنْ النِّهَايَةِ ط (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مِصْرٍ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي دَارِنَا أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ حَاصَرَ لَا مُتَعَلِّقٌ بِحَاصَرَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ.
ثُمَّ اعْلَمْ: أَنَّ التَّقْيِيدَ بِغَيْرِ الْمِصْرِ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ يُوهِمُ صِحَّةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَوْ نَزَلُوا فِي الْمِصْرِ وَحَاصَرُوا حِصْنًا فِيهِ قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ لِأَنَّ إطْلَاقَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَكَذَا نَصَّ فِي الْعِنَايَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ الْآتِي وَذَكَرَ عِبَارَتَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِهِ (قَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ) الْأَوَّلُ بِالْقَافِ وَالثَّانِي بِالْفَاءِ أَيْ فَكَانَتْ حَالَتُهُمْ تُنَافِي عَزِيمَتَهُمْ، وَالْإِطْلَاقُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الشَّوْكَةُ لِعَسْكَرِنَا لِاحْتِمَالِ وُصُولِ الْمَدَدِ لِلْعَدُوِّ أَوْ وُجُودِ مَكِيدَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ إذَا غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةِ الْحَرْبِ إنْ اتَّخَذُوهَا دَارًا أَتَمُّوا وَإِلَّا بَلْ أَرَادُوا الْإِقَامَةَ بِهَا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ قَصَرُوا لِبَقَائِهَا دَارَ حَرْبٍ وَهُمْ مُحَارِبُونَ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. اهـ.
[تَنْبِيهٌ] لَوْ انْفَلَتَ الْأَسِيرُ مِنْ الْكُفَّارِ وَتَوَطَّنَ فِي غَارٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ نِصْفَ شَهْرٍ لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا كَمَا لَوْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ فَهَرَبَ مِنْهُمْ يُرِيدُ مَسِيرَةَ السَّفَرِ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَتْحِ كَوْنُ حَالِهِ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْفُرْصَةَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ خَرَجَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمُشْكِلٌ وَحَمَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ أَيْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لَا نِيَّةُ السَّفَرِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ يَقْصُرُ وَكَذَا جَعَلَ فِي الذَّخِيرَةِ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى فَأَفَادَ لُزُومَ الْقَصْرِ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ الْأَخْبِيَةِ) جَمْعُ خِبَاءٍ كَكِسَاءِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: هُوَ الْخَيْمَةُ مِنْ الصُّوفِ (قَوْلُهُ كَعَرَبٍ) الْمُنَاسِبُ قَوْلُ غَيْرِهِ كَأَعْرَابٍ لِمَا فِي الْمُغْرِبِ: الْعَرَبُ هُمْ الَّذِينَ اسْتَوْطَنُوا الْمُدُنَ وَالْقُرَى الْعَرَبِيَّةَ، وَالْأَعْرَابُ أَهْلُ الْبَدْوِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ يَقْصُرُونَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ أَصْلٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ أَيْ نِيَّتُهُمْ الْإِقَامَةَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَدَائِعِ أَنَّ أَهْلَ الْأَخْبِيَةِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَفَاوِزَ لَهُمْ كَالْأَمْصَارِ وَالْقُرَى لِأَهْلِهَا وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِلرَّجُلِ أَصْلٌ، وَالسَّفَرَ عَارِضٌ وَهُمْ لَا يَنْوُونَ السَّفَرَ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَاءٍ إلَى مَاءٍ وَمِنْ مَرْعًى إلَى آخَرَ اهـ (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute