للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ (لِأَجْلِ مَصَالِحِهِ) كَدَفْنِ الْمَوْتَى وَرَكْضِ الْخَيْلِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى تَقْدِيرُهُ بِفَرْسَخٍ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ.

(وَ) الثَّانِي: (السُّلْطَانُ) وَلَوْ مُتَغَلِّبًا أَوْ امْرَأَةً فَيَجُوزُ أَمْرُهَا بِإِقَامَتِهَا لَا إقَامَتُهَا (أَوْ مَأْمُورَةً بِإِقَامَتِهَا) وَلَوْ عَبْدًا

ــ

[رد المحتار]

الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.

(قَوْلُهُ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ) حَيْثُ قَالَ: وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ قَيْدَ الِاتِّصَالِ، وَقَدْ خَطَّأَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ قَائِلًا فَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ لَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِبُخَارَى فِي مُصَلَّى الْعِيدِ لِأَنَّ بَيْنَ الْمُصَلَّى وَبَيْنَ الْمِصْرِ مَزَارِعَ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَرَّةً وَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُنْكِرْ جَوَازَ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ بِبُخَارَى لَا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَمَا أَنَّ الْمِصْرَ أَوْ فِنَاءَهُ شَرْطُ جَوَازِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْعِيدِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ أَهْلِ التَّرْجِيحِ أَطْلَقَ الْفِنَاءَ عَنْ تَقْدِيرِهِ بِمَسَافَةٍ وَكَذَا مُحَرِّرُ الْمَذْهَبِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِهَا وَجُمْلَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي تَقْدِيرِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ أَوْ تِسْعَةُ غَلْوَةٍ مَيْلٌ مِيلَانِ ثَلَاثَةٌ فَرْسَخٌ فَرْسَخَانِ ثَلَاثَةٌ سَمَاعُ الصَّوْتِ سَمَاعُ الْأَذَانِ وَالتَّعْرِيفُ أَحْسَنُ مِنْ التَّحْدِيدِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مِصْرٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ كِبَرِ الْمِصْرِ وَصِغَرِهِ. بَيَانُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِغَلْوَةٍ أَوْ مَيْلٍ لَا يَصِحُّ فِي مِثْلِ مِصْرَ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ وَالتُّرَبَ الَّتِي تَلِي بَابَ النَّصْرِ يَزِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، نَعَمْ هُوَ مُمْكِنٌ لِمِثْلِ بُولَاقَ فَالْقَوْلُ بِالتَّحْدِيدِ بِمَسَافَةٍ يُخَالِفُ التَّعْرِيفَ الْمُتَّفَقَ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ فَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْفِنَاءَ مَا أُعِدَّ لِدَفْنِ الْمَوْتَى وَحَوَائِجِ الْمِصْرِ كَرَكْضِ الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ وَجَمْعِ الْعَسَاكِرِ وَالْخُرُوجِ لِلرَّمْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَيِّ مَوْضِعٍ يُحَدُّ بِمَسَافَةٍ يَسَعُ عَسَاكِرَ مِصْرٍ وَيَصْلُحُ مَيْدَانًا لِلْخَيْلِ وَالْفُرْسَانِ وَرَمْيِ النَّبْلِ وَالْبُنْدُقِ الْبَارُودِ وَاخْتِبَارِ الْمَدَافِعِ وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى فَرَاسِخَ فَظَهَرَ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِحَسَبِ الْأَمْصَارِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ [تُحْفَةِ أَعْيَانِ الْغَنِيِّ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فِي الْفَنَا] لِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَقَدْ جَزَمَ فِيهَا بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدِ سَبِيلٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي بَنَاهُ بَعْضُ أُمَرَاءِ زَمَانِهِ وَهُوَ فِي فِنَاءِ مِصْرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ فَرْسَخٍ وَشَيْءٌ.

مَطْلَبٌ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِمَسْجِدِ الْمُرِجَّةِ وَالصَّالِحِيَّةِ فِي دِمَشْقَ

أَقُولُ: وَبِهِ ظَهَرَ صِحَّتُهَا فِي تَكِيَّةِ السُّلْطَانِ سُلَيْمٍ بِمَرْجَةِ دِمَشْقَ، وَكَذَا فِي مَسْجِدِهِ بِصَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ فَإِنَّهَا مِنْ فِنَاءِ دِمَشْقَ بِمَا فِيهَا مِنْ التُّرْبَةِ بِسَفْحِ الْجَبَلِ وَإِنْ انْفَصَلَتْ عَنْ دِمَشْقَ بِمَزَارِعَ لَكِنَّهَا قَرِيبَةٌ لِأَنَّهَا عَلَى ثُلُثِ فَرْسَخٍ مِنْ الْبَلْدَةِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ قَرْيَةً مُسْتَقِلَّةً فَهِيَ مِصْرٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ مَسْجِدَهَا مَبْنِيٌّ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، وَكَذَا مَسْجِدُهَا الْقَدِيمُ الْمَشْهُورُ بِمَسْجِدِ الْحَنَابِلَةِ الَّذِي بَنَاهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ وَأَمْرُهُ كَافٍ فِي صِحَّتِهَا عَلَى مَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةً) اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ سُلْطَانًا إلَّا تَغَلُّبًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْإِمَامِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ امْرَأَةً أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُتَغَلِّبُ امْرَأَةً ح، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَغَلِّبِ مَنْ فُقِدَ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ وَإِنْ رَضِيَهُ الْقَوْمُ وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَالْمُتَغَلِّبُ الَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ أَيْ لَا مَنْشُورَ لَهُ إنْ كَانَ سِيرَتُهُ فِيمَا بَيْنَ الرَّعِيَّةِ سِيرَةَ الْأُمَرَاءِ وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْوُلَاةِ تَجُوزُ الْجُمُعَةُ بِحَضْرَتِهِ بَحْرٌ. اهـ. ط (قَوْلُهُ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ لَا إقَامَتِهَا أَيْ لَا إقَامَةِ الْمَرْأَةِ الْجُمُعَةَ ح (قَوْلُهُ أَوْ مَأْمُورَةٌ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ، وَشَمِلَ الْأَمْرَ دَلَالَةً قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ أَمْرُ الْعَامَّةِ فِي مِصْرٍ لَهُ إقَامَتُهَا وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْهَا السُّلْطَانُ إلَيْهِ صَرِيحًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْعِبْرَةُ لِأَهْلِيَّةِ النَّائِبِ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَا وَقْتَ الِاسْتِنَابَةِ حَتَّى لَوْ أَمَرَ الصَّبِيَّ وَالذِّمِّيَّ وَفَوَّضَ إلَيْهِمَا الْجُمُعَةَ فَبَلَغَ وَأَسْلَمَ لَهُمَا إقَامَتُهَا لِأَنَّهُ فَوَّضَهَا إلَيْهِمَا صَرِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَانِيَّةِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْفَرْقِ لِوُقُوعِ التَّفْوِيضِ بَاطِلًا، وَعَلَيْهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْأَهْلِيَّةُ وَقْتَ الِاسْتِنَابَةِ اهـ مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>