للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ وَإِمَامَةُ فَتْحِ الْقَدِيرِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَعَلَى الْمَرْجُوحِ فَالْجُمُعَةُ لِمَنْ سُبِقَ تَحْرِيمَةً وَتَفْسُدُ بِالْمَعِيَّةِ وَالِاشْتِبَاهِ، فَيُصَلِّي بَعْدَهَا آخِرَ ظُهْرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ مَعْزِيًّا لَلْمَطْلَبِ وَالْأَحْوَطُ نِيَّةُ آخِرِ ظُهْرٍ أَدْرَكْت وَقْتَهُ

ــ

[رد المحتار]

كَبَغْدَادَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ قُطِعَ الْجِسْرُ أَوْ بَقِيَ مُتَّصِلًا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَدُّدُ فِي مَسْجِدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ هَكَذَا يُفَادُ مِنْ الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّرَخْسِيِّ الْآتِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ إقَامَتِهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَسْجِدَيْنِ وَأَكْثَرَ بِهِ نَأْخُذُ لِإِطْلَاقِ «لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ» شَرَطَ الْمِصْرَ فَقَطْ، وَبِمَا ذَكَرْنَا انْدَفَعَ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ جَوَازُهَا فِي مَوْضِعَيْنِ لَا فِي أَكْثَرَ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ اهـ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ) لِأَنَّ فِي إلْزَامِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ حَرَجًا بَيِّنًا لِاسْتِدْعَائِهِ تَطْوِيلَ الْمَسَافَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَاضِرِينَ وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ عَدَمِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بَلْ قَضِيَّةُ الضَّرُورَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِصْرًا كَبِيرًا كَمِصْرِنَا كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ ط (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَرْجُوحِ) هُوَ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ لِمَنْ سَبَقَ تَحْرِيمَةً) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِالسَّبْقِ الْفَرَاغُ، وَقِيلَ بِهِمَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْ أَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ وَكُنْت قَدْ رَاجَعْت شَيْخَنَا يَعْنِي الْكَمَالَ فِي هَذَا كِتَابَةً فَكَتَبَ إلَيَّ، وَأَمَّا السَّبْقُ فَلَا شَكَّ عِنْدِي فِي اعْتِبَارِهِ بِالْخُرُوجِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ الدُّخُولُ مَحَلَّ تَرَدُّدٍ فِي خَاطِرِي لِأَنَّ سَبْقَ كَذَا هُوَ بِتَقَدُّمِ دُخُولِ تَمَامِهِ فِي الْوُجُودِ أَوْ بِتَقَدُّمِ انْقِضَائِهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي نِيَّةِ آخِرِ ظُهْرٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

(قَوْلُهُ فَيُصَلِّي بَعْدَهَا آخِرَ ظُهْرٍ) تَفْرِيعُهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ جَوَازِ التَّعَدُّدِ لَا يُصَلِّيهَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ مِرَارًا خَوْفَ اعْتِقَادِ عَدَمِ فَرِيضَةِ الْجُمُعَةِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ لَا احْتِيَاطَ فِي فِعْلِهَا لِأَنَّهُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ. اهـ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ الِاحْتِيَاطُ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ لِأَنَّ جَوَازَ التَّعَدُّدِ وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ وَأَقْوَى دَلِيلًا، لَكِنْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ لِأَنَّ خِلَافَهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ والتمرتاشي وَصَاحِبُ الْمُخْتَارِ، وَجَعَلَهُ الْعَتَّابِيُّ الْأَظْهَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيَّ فِي رِسَالَتِهِ [نُورُ الشَّمْعَةِ فِي ظُهْرِ الْجُمُعَةِ] بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يُحْفَظُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ تَجْوِيزُ تَعَدُّدِهَا اهـ وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَ الْبَدَائِعِ إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ أَنَّهُ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي التَّكْمِلَةِ لِلرَّازِيِّ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ فَهُوَ حِينَئِذٍ قَوْلٌ مُعْتَمَدٌ فِي الْمَذْهَبِ لَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ؛ وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْأَوْلَى هُوَ الِاحْتِيَاطُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِهِ قَوِيٌّ، وَكَوْنُ الصَّحِيحِ الْجَوَازَ لِلضِّرْوَةِ لِلْفَتْوَى لَا يَمْنَعُ شَرْعِيَّةَ الِاحْتِيَاطِ لِلتَّقَوِّي. اهـ.

قُلْت: عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ضَعْفُهُ فَالْخُرُوجُ عَنْ خِلَافِهِ أَوْلَى فَكَيْفَ مَعَ خِلَافِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِيمَنْ يَقْضِي صَلَاةَ عُمْرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ مِنْهَا شَيْءٌ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ. وَذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ أَحْسَنُ إنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ خِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ وَيَكْفِينَا خِلَافُ مَنْ مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>