للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتُؤَدَّى فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ) مُطْلَقًا

ــ

[رد المحتار]

تَتِمَّةٌ] : فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ الْبِلَادُ الَّتِي فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ بِلَادُ الْإِسْلَامِ لَا بِلَادُ الْحَرْبِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا فِيهَا حُكْمَ الْكُفْرِ بَلْ الْقُضَاةُ، وَالْوُلَاةُ مُسْلِمُونَ يُطِيعُونَهُمْ عَنْ ضَرُورَةٍ أَوْ بِدُونِهَا، وَكُلُّ مِصْرٍ فِيهِ وَالٍ مِنْ جِهَتِهِمْ يَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْحَدِّ وَتَقْلِيدُ الْقُضَاةِ لِاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ الْوُلَاةُ كُفَّارًا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَيَصِيرُ الْقَاضِي قَاضِيًا بِتَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْتَمِسُوا وَالِيًا مُسْلِمًا. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَوْسِمِ) أَيْ مَوْسِمِ الْحَاجِّ وَهُوَ سُوقُهُمْ وَمُجْتَمَعُهُمْ، مِنْ الْوَسْمِ: وَهُوَ الْعَلَامَةُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ فِي مِنًى فِي غَيْرِ أَيَّامِ اجْتِمَاعِ الْحَاجِّ فِيهَا لِفَقْدِ بَعْضِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْخَلِيفَةِ) أَيْ السُّلْطَانِ الْأَعْظَمِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَأَمِيرِ الْحِجَازِ) وَهُوَ السُّلْطَانُ بِمَكَّةَ كَذَا فِي الدُّرَرِ أَيْ شَرِيفُ مَكَّةَ الْحَاكِمُ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ وَمَا يَلِي ذَلِكَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ أَوْ الْعِرَاقِ) كَأَمِيرِ بَغْدَادَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ مَكَّةَ) مُكَرَّرٌ مَعَ أَمِيرِ الْحِجَازِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ أَخَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ أَبْنِيَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَفِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ وَالسُّلْطَانُ إذَا طَافَ فِي وِلَايَتِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي كُلِّ مِصْرٍ يَكُونُ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ إمَامَةَ غَيْرِهِ إنَّمَا تَجُوزُ بِأَمْرِهِ فَإِمَامَتُهُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا. اهـ.

أَقُولُ: مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْجَوَازَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَازَتْ بِمِنًى فِي مَعْنَى الْوُجُوبِ مَعَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهَا الْإِقَامَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ إمَامِهِ الْخَلِيفَةِ فِيهَا وُجُوبُهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَلَا أَنْ يَأْمُرَ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهَا، وَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الْمِصْرِ مِنْ جُمْلَةِ وِلَايَتِهِ أَنْ يَصِيرَ مُقِيمًا بِوُصُولِهِ إلَيْهِ إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ اعْتَرَضَهُ بِقَوْلِهِ دَلَالَةً مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخَلِيفَةِ إذَا طَافَ وِلَايَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَوَازَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَعْنَاهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْخَلِيفَةُ وَإِنْ كَانَ قَصَدَ السَّفَرَ لِلْحَجِّ فَالسَّفَرُ إنَّمَا يُرَخَّصُ فِي التَّرْكِ لَا أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ التَّعْيِيدِ بِمِنًى) أَيْ عَدَمُ إقَامَةِ الْعِيدِ بِهَا لَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ بِمِصْرٍ بَلْ لِلتَّخْفِيفِ عَلَى الْحَاجِّ لِاشْتِغَالِهِمْ بِأُمُورِ الْحَجِّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّفِقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ هُجُومُ الْجُمُعَةِ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ أَمَّا الْعِيدُ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ سِرَاجٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تَبْقَى إلَى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْغَالِبُ فَرَاغُ الْحَاجِّ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ وَقْتِ الْعِيدِ؛ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا أُقِيمَتْ بِمِنًى أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُقِيمِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إذَا خَرَجُوا لِلْحَجِّ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَلْ الظَّاهِرُ وُجُوبُ إقَامَتِهَا عَلَيْهِمْ تَأَمَّلْ. [تَنْبِيهٌ]

ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الْعِيدِ فِي مَكَّةَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبِيرِيُّ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ هُوَ وَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُصَلُّوهَا فِيهَا، قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ. اهـ.

قُلْت: لَعَلَّ السَّبَبَ أَنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إقَامَتِهَا يَكُونُ حَاجًّا فِي مِنًى (قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ لِأَمِيرِ الْمَوْسِمِ) هُوَ الْمُسَمَّى أَمِيرَ الْحَاجِّ كَمَا فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ.

أَقُولُ: كَانَتْ عَادَةُ سَلَاطِينِ بَنِي عُثْمَانَ - أَيَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يُرْسِلُونَ أَمِيرًا يُوَلُّونَهُ أُمُورَ الْحَاجِّ فَقَطْ غَيْرَ أَمِيرِ الشَّامِ وَالْآنَ جَعَلُوا أَمِيرَ الشَّامِ وَالْحَاجَّ وَاحِدًا فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمِيرِ الْمَوْسِمِ وَأَمِيرِ الْعِرَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ، فَإِذَا كَانَ مِنْ عُمُومِ وِلَايَتِهِ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي بَلَدِهِ يُقِيمُهَا فِي مِنًى أَيْضًا بِخِلَافِ مَنْ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْحَاجِّ فَقَطْ وَيُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ إلَخْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَفَازَةٌ) أَيْ بَرِّيَّةٌ لَا أَبْنِيَةَ فِيهَا بِخِلَافِ مِنًى

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمِصْرُ كَبِيرًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ فَصَلَ بَيْنَ جَانِبَيْهِ نَهْرٌ كَبِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>