للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ) لِأَنَّ تَفْوِيضَ أَمْرِ الْعَامَّةِ إلَيْهِمْ إذْنٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً فَلِقَاضِي الْقُضَاةِ بِالشَّامِ أَنْ يُقِيمَهَا وَأَنْ يُوَلِّيَ الْخُطَبَاءَ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا تَقْدِيرِ الْبَاشَا، وَقَالُوا: يُقِيمُهَا أَمِيرُ الْبَلَدِ ثُمَّ الشَّرَطَىُّ ثُمَّ الْقَاضِي ثُمَّ مَنْ وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ (وَنَصْبُ الْعَامَّةِ) الْخَطِيبَ (غَيْرُ مُعْتَبَرٍ مَعَ وُجُودِ مَنْ ذُكِرَ) أَمَّا مَعَ عَدَمِهِمْ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ

(وَجَازَتْ) الْجُمُعَةُ (بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ) فَقَطْ (لِ) وُجُودِ (الْخَلِيفَةِ) أَوْ أَمِيرِ الْحِجَازِ أَوْ الْعِرَاقِ أَوْ مَكَّةَ وَوُجُودِ الْأَسْوَاقِ وَالسِّكَكِ وَكَذَا كُلُّ أَبْنِيَةٍ نَزَلَ بِهَا الْخَلِيفَةُ وَعَدَمُ التَّعْيِيدِ بِمِنًى لِلتَّخْفِيفِ (لَا) تَجُوزُ (لِأَمِيرِ الْمَوْسِمِ) لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ عَلَى أُمُورِ الْحَجِّ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ جَازَ (وَلَا بِعَرَفَاتٍ) لِأَنَّهَا مَفَازَةٌ

ــ

[رد المحتار]

قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ لِلْقَاضِي إقَامَتُهَا إذَا لَمْ يُؤْمَرْ وَلِصَاحِبِ الشَّرَطِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ وَهَذَا عُرْفُهُمْ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَمَّا الْيَوْمُ فَالْقَاضِي يُقِيمُهَا لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ يَأْمُرُونَ بِذَلِكَ، قِيلَ أَرَادَ بِهِ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قَاضِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الشَّرَطِ لَا يُوَلَّيَانِ ذَلِكَ. اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَعَلَى هَذَا فَلِقَاضِي الْقُضَاةِ بِمِصْرٍ أَنْ يُوَلِّيَ الْخُطَبَاءَ، وَلَا يَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ تَوْلِيَةَ قَاضِي الْقُضَاةِ إذْنٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَقْرِيرِ الْحَاكِمِ الْمُسَمَّى بِالْبَاشَا لَكِنْ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ فِي إقَامَةِ الْقَاضِي رِوَايَتَيْنِ وَبِرِوَايَةِ الْمَنْعِ يُفْتَى فِي دِيَارِنَا إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُكْتَبْ فِي مَنْشُورِهِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوَلَّ قَاضِي الْقُضَاةِ أَمَّا إنْ وُلِّيَ أَغْنَى هَذَا اللَّفْظُ عَنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَلِقَاضِي الْقُضَاةِ بِالشَّامِ إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ كَمَا عَلِمْت لَكِنْ فِيهِ أَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ هُوَ قَاضِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَأَمَّا قَاضِي الشَّامِ وَمِصْرَ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ مُسْتَمَدَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَاضِي الْعَامِّ، وَكَوْنُهُ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ أَيْ اسْتِخْلَافِ نُوَّابٍ عَنْهُ فِي بَلْدَةٍ وَتَوَابِعِهَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ إذْنُهُ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ ذَاكَ الْقَاضِي الْعَامِّ الَّذِي أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ بِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَنَصَّبَ الْقُضَاةَ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ وَلِذَا يُسَمَّى قَاضِيَ الْقُضَاةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَلَّى خَطَابَةً لَا بُدَّ أَنْ يُرْسَلَ إلَى جِهَةِ السُّلْطَانِ حَفِظَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - لِيُقَرِّرَهُ فِيهَا، فَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَوْ الْبَاشَا مَأْذُونًا بِإِقَامَتِهَا لَصَحَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْخَطِيبَ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِذْنِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنْ قَالَ إنِّي مَأْذُونٌ بِذَلِكَ صُدِّقَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ أَوْ الْإِمَارَةِ مَثَلًا لَا يَكُونُ إذْنًا بِإِقَامَتِهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ التَّجْنِيسِ إلَّا إذَا فَوَّضَ السُّلْطَانُ إلَيْهِ أُمُورَ الدُّنْيَا وَالدِّينِ كَمَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْرِبِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي نَهْجِ النَّجَاةِ مَعْزِيًّا إلَى رِسَالَةٍ لِلْمُصَنِّفِ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي قَاضٍ فَوَّضَ لَهُ الْأُمُورَ الْعَامَّةَ، أَمَّا مَنْ فَوَّضَ لَهُ السُّلْطَانُ قَضَاءَ بَلْدَةٍ لِيَحْكُمَ فِيهَا بِمَا صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ فَلَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَقَالُوا يُقِيمُهَا إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِعِبَارَةِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا تَرْتِيبَهُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ مُرَتَّبُونَ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ فَيُقِيمُهَا الْأَبْعَدُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَقْرَبِ أَوْ مَوْتِهِ لَا بِحَضْرَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَهُوَ مُفَادُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النُّجْعَةِ فَرَاجِعْهُ، لَكِنَّ تَقْدِيمَ الشُّرَطِيِّ عَلَى الْقَاضِي مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَى الشُّرَطِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ إذَا كَانُوا مَأْذُونِينَ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ لَهُ إقَامَتُهَا بِالْإِذْنِ الْعَامِّ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَغَيْرُ مَأْذُونِينَ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ أَهْلَ مِصْرٍ أَنْ يَجْمَعُوا إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا فَلَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ذَلِكَ الْمِصْرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِصْرًا لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَلَا كَمَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا عَنْ الْخُلَاصَةِ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>