(وَ) الثَّالِثُ (وَقْتُ الظُّهْرِ فَتَبْطُلُ) الْجُمُعَةُ (بِخُرُوجِهِ) مُطْلَقًا وَلَوْ لَاحِقًا بِعُذْرِ نَوْمٍ أَوْ زَحْمَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطُ الْأَدَاءِ لَا شَرْطُ الِافْتِتَاحِ. (وَ) الرَّابِعُ: (الْخُطْبَةُ فِيهِ) فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَهُ وَصَلَّى فِيهِ لَمْ تَصِحَّ. (وَ) الْخَامِسُ: (كَوْنُهَا قَبْلَهَا) لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ سَابِقٌ عَلَيْهِ (بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ تَنْعَقِدُ) الْجُمُعَةُ (بِهِمْ وَلَوْ) كَانُوا (صُمًّا أَوْ نِيَامًا فَلَوْ خَطَبَ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
مَعَ سُنَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَإِنْ وَقَعَتْ فَرْضًا فَالسُّورَةُ لَا تَضُرُّ وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَقِرَاءَةُ السُّورَةِ وَاجِبَةٌ اهـ أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَلَا يَضُمُّ السُّورَةَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ أَرْبَعًا سُنَّتُهَا وَأَرْبَعًا آخِرَ ظُهْرٍ وَرَكْعَتَيْنِ سُنَّةُ الْوَقْتِ: أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الظُّهْرُ فَتَقَعُ الرَّكْعَتَانِ سُنَّتَهُ الْبَعْدِيَّةَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي نِيَّةُ آخِرِ ظُهْرٍ عَنْ الْأَرْبَعِ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ إذَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي السُّنَنِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَالْفَرْضُ هُوَ الظُّهْرُ وَتَقَعُ الْأَرْبَعُ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ الْجُمُعَةِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْقَبَلِيَّةِ لَكِنْ لِطُولِ الْفَصْلِ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَسَمَاعِ الْخُطْبَةِ يُصَلِّي أَرْبَعًا أُخْرَى فَالْأَوْلَى صَلَاةُ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ قُنْيَةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ نَصُّ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ
(قَوْلُهُ وَقْتُ الظُّهْرِ) فِيهِ أَنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لَا شَرْطٌ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْمُؤَدَّى وَشَرْطِيَّتُهُ لِلْجُمُعَةِ لَيْسَتْ كَشَرْطِيَّتِهِ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لَا تَبْقَى صِحَّةٌ لِلْجُمُعَةِ لَا أَدَاءً وَلَا قَضَاءً بِخِلَافِ غَيْرِهَا سَعْدِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ كَمَا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) رَدٌّ لِمَا فِي النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ إذَا زَحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ الْخُطْبَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالْخُطْبَةِ قَبْلَهَا إذْ لَا تَنْصِيصَ فِيهِ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا فِي الْوَقْتِ. [تَنْبِيهٌ]
فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ أَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ اهـ لَكِنْ ذَكَرَ قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَفَارِيعِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَطِيبَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ لَوْ خَطَبَ صَبِيٌّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ رَجُلٌ بَالِغٌ يَجُوزُ. اهـ. وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ. [تَتِمَّةٌ]
لَمْ يُقَيِّدْ الْخُطْبَةَ بِكَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهَا غَيْرُ شَرْطٍ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا حَيْثُ شَرَطَاهَا إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ كَالْخِلَافِ فِي الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَالْخَامِسُ كَوْنُهَا قَبْلَهَا) أَيْ بِلَا فَاصِلٍ كَثِيرٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَهِيَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْشِئُ التَّحْرِيمَةَ لِلْجُمُعَةِ لَا كُلِّ مَنْ صَلَّاهَا فَلِذَا قَالُوا وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا جَازَ لِأَنَّهُ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تِلْكَ التَّحْرِيمَةِ الْمُنْشَأَةِ فَلَوْ أَفْسَدَهَا الْخَلِيفَةُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ لَكِنْ اسْتَحْسَنُوا الْجَوَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ الْتَحَقَ بِهِ حُكْمًا، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْدَثَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَقَدَّمَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا لَمْ يَجُزْ فَتْحٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِهِمْ) بِأَنْ يَكُونُوا ذُكُورًا بَالِغِينَ عَاقِلِينَ وَلَوْ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانُوا صُمًّا أَوْ نِيَامًا) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا كَوْنُهَا مَسْمُوعَةً لَهُمْ بَلْ يَكْفِي حُضُورُهُمْ حَتَّى لَوْ بَعُدُوا عَنْهُ أَوْ نَامُوا أَجْزَأَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا جَهْرًا بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) عَزَا تَصْحِيحَهُ فِي الْحِلْيَةِ أَيْضًا إلَى الْمِعْرَاجِ وَالْمُبْتَغَى بَالِغِينَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ لَكِنْ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute