للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالسَّعْيِ لِلذِّكْرِ لَيْسَ إلَّا لِاسْتِمَاعِهِ وَالْمَأْمُورُ جَمْعٌ. وَجَزَمَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ يَكْفِي حُضُورُ وَاحِدٍ (وَكَفَتْ تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ) لِلْخُطْبَةِ الْمَفْرُوضَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ وَأَقَلُّهُ قَدْرُ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ (بِنِيَّتِهَا، فَلَوْ حَمِدَ لِعُطَاسِهِ) أَوْ تَعَجُّبًا (لَمْ يَنُبْ عَنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّبَائِحِ أَنَّهُ يَنُوبُ فَتَأَمَّلْ

(وَيُسَنُّ خُطْبَتَانِ) خَفِيفَتَانِ وَتُكْرَهُ زِيَادَتُهُمَا عَلَى قَدْرِ سُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ (بِجِلْسَةٍ بَيْنَهُمَا) بِقَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَتَرْكِهِ قِرَاءَةَ قَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، وَيَجْهَرُ بِالثَّانِيَةِ لَا كَالْأُولَى

ــ

[رد المحتار]

وَالْأُخْرَى أَنَّهَا غَيْرُ شَرْطٍ حَتَّى لَوْ خَطَبَ وَحْدَهُ جَازَ وَأَفَادَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْكَمَالَ اعْتِمَادَهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالسَّعْيِ لَيْسَ إلَّا لِاسْتِمَاعِهِ) كَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ لَا السَّمَاعُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالسَّعْيِ جَمْعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا أَتْبَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْهُومِ اهـ أَيْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: يُشْتَرَطُ حُضُورُ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِحُضُورِ وَاحِدٍ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ: لَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَخَطَبَ وَصَلَّى بِالثَّلَاثَةِ جَازَ مَنْطُوقٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ جَعْلَ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا مَنْطُوقٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ فَتُنَافِي الْوَحْدَةَ وَقَدْ جُعِلَتْ شَرْطًا وَالشَّرْطُ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَفَتْ تَحْمِيدَةٌ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي رُكْنِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ بَيَانِ شُرُوطِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي آيَةِ - {فَاسْعَوْا} [الجمعة: ٩]- مُطْلَقُ الذِّكْرِ الشَّامِلِ لِلْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرُ الْمَأْثُورُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَكُونُ بَيَانًا لِعَدَمِ الْإِجْمَالِ فِي لَفْظِ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) ظَاهِرُ الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ إلَخْ) فِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ آيَاتٍ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ، وَقِيلَ مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ مِنْ قَوْلِهِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى قَوْلِهِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (قَوْلُهُ بِنِيَّتِهَا) أَيْ نِيَّةِ الْخُطَبِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَجُّبًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ سَبَّحَ تَعَجُّبًا ط (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ تَجْزِيهِ ح (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ عَطَسَ عِنْدَ الذَّبْحِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَحِلُّ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ اهـ فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّ حَمْدَ الْعُطَاسِ يَكْفِي لَهَا.

قَالَ ح: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ خُطْبَتَانِ) لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ لِأَنَّ الْمَسْنُونَ هُوَ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ، وَالشَّرْطُ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِقَدْرِ مَا يَمَسُّ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ مِنْ الْمِنْبَرِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ زِيَادَتُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَزِيَادَةُ التَّطْوِيلِ مَكْرُوهَةٌ (قَوْلُهُ كَتَرْكِهِ قِرَاءَةَ قَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ) أَيْ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى نَحْوِ تَسْبِيحَةٍ وَتَهْلِيلَةٍ مِمَّا لَا يَكُونُ ذِكْرًا طَوِيلًا قَدْرَ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْكَ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَالْمَوَاهِبِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مِنْ السُّنَنِ قِرَاءَةُ آيَةٍ، وَقَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَفِي الْمُحِيطِ: يَقْرَأُ فِي الْخُطْبَةِ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةً فَالْأَخْبَارُ قَدْ تَوَاتَرَتْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي خُطْبَتِهِ» لَا تَخْلُو عَنْ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا قَرَأَ سُورَةً تَامَّةً يَتَعَوَّذُ ثُمَّ يُسَمِّي قَبْلَهَا، وَإِنْ قَرَأَ آيَةً قِيلَ يَتَعَوَّذُ ثُمَّ يُسَمِّي وَأَكْثَرُهُمْ قَالُوا يَتَعَوَّذُ وَلَا يُسَمِّي وَالِاخْتِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْخُطْبَةِ كَذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْآيَةِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ فَتَدَبَّرْ. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الْخَطِيبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ -[تَنْبِيهٌ]

جَرَتْ الْعَادَةُ إذَا قَرَأَ الْخَطِيبُ الْآيَةَ أَنْ يَقُولَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا} [النحل: ٩٧]- إلَخْ وَفِيهِ إيهَامٌ أَنَّ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مَقُولِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَبَعْضُهُمْ يَتَبَاعَدُ عَنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>