للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبْدَأُ بِالتَّعَوُّذِ سِرًّا. وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْعَمَّيْنِ لَا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَجَوَّزَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا وَصْفُهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَيُكْرَهُ تَكَلُّمُهُ فِيهَا إلَّا لِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ لِأَنَّهُ مِنْهَا،

ــ

[رد المحتار]

كَلَامًا أَتْلُوهُ بَعْدَ قَوْلِي أَعُوذُ بِاَللَّهِ إلَخْ وَلَكِنْ فِي حُصُولِ سُنَّةِ الِاسْتِعَاذَةِ بِذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنْشَاءُ الِاسْتِعَاذَةِ وَلَمْ تَبْقَ كَذَلِكَ بَلْ صَارَتْ مَحْكِيَّةً مَقْصُودًا بِهَا لَفْظُهَا وَذَلِكَ يُنَافِي الْإِنْشَاءَ كَمَا لَا يَخْفَى. أَنْ لَا يَقُولَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ إسْمَاعِيلَ الْجِرَاحِيِّ شَارِحِ الْبُخَارِيِّ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَحْضُرُنِي الْآنَ مَا قَالَهُ فِيهَا فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ) أَيْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى بِالتَّعَوُّذِ سِرًّا ثُمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعِظَةِ وَالتَّذْكِيرِ وَالْقِرَاءَةِ قَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَالثَّانِيَةُ كَالْأُولَى إلَّا أَنَّهُ يَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ مَكَانَ الْوَعْظِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ قِرَاءَةُ آيَةٍ فِيهَا كَالْأُولَى. اهـ. [تَنْبِيهٌ]

مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَحْوِيلِ الْوَجْهِ جِهَةَ الْيَمِينِ وَجِهَةَ الْيَسَارِ عِنْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ يَنْبَغِي تَرْكُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ سُنَّةٌ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي مِنْهَاجِ النَّوَوِيِّ

قَالَ: وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا فِي شَيْءٍ مِنْهَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ اهـ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ الْبَدَائِعِ وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَيَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ هَكَذَا اهـ (قَوْلُهُ وَالْعَمَّيْنِ) هُمَا حَمْزَةُ وَالْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. [لَطِيفَةٌ]

سَمِعْت مِنْ بَعْضِ شُيُوخِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنَّ الْخُطَبَاءَ يَلْحَنُونَ هُنَا مَرَّتَيْنِ حَيْثُ يَقُولُونَ وَارْضَ عَنْ عَمَّيْ نَبِيِّك الْحَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ بِإِدْخَالِ أَلْ عَلَى حَمْزَةَ وَإِبْقَاءِ مَنْعِ صَرْفِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ دُخُولُ أَلْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَتْ يُصْرَفُ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ ثُمَّ يَدْعُو لِسُلْطَانِ الزَّمَانِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ مُتَجَنِّبًا فِي مَدْحِهِ عَمَّا قَالُوا إنَّهُ كُفْرٌ وَخُسْرَانٌ كَمَا فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ اهـ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَجَوَّزَ إلَى حَمْلِ قَوْلِهِ ثُمَّ يَدْعُو إلَخْ عَلَى الْجَوَازِ لَا النَّدْبِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ حِينَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ مُحْدَثٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْخُطْبَةُ تَذْكِيرًا. اهـ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ وُجُوبِ الدُّعَاءِ لَهُ بِالصَّلَاحِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ اسْتِحْبَابِهِ فِي خُصُوصِ الْخُطْبَةِ بَلْ لَا مَانِعَ مِنْ اسْتِحْبَابِهِ فِيهَا كَمَا يَدْعُو لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحَ الْعَالَمِ. وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ مُحْدَثٌ لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّ سُلْطَانَ هَذَا الزَّمَانِ أَحْوَجُ إلَى الدُّعَاءِ لَهُ وَلِأُمَرَائِهِ بِالصَّلَاحِ وَالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ. وَقَدْ تَكُونُ الْبِدْعَةُ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً عَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ كَانَ يَدْعُو لِعُمَرَ قَبْلَ الصِّدِّيقِ فَأُنْكِرَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ عُمَرَ فَشَكَا إلَيْهِ فَاسْتَحْضَرَ الْمُنْكِرَ فَقَالَ إنَّمَا أَنْكَرْت تَقْدِيمَك عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَكَى وَاسْتَغْفَرَهُ وَالصَّحَابَةُ حِينَئِذٍ مُتَوَفِّرُونَ لَا يَسْكُتُونَ عَلَى بِدْعَةٍ إلَّا إذَا شَهِدَتْ لَهَا قَوَاعِدُ الشَّرْعِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ الدُّعَاءَ بَلْ التَّقْدِيمَ فَقَطْ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ قَدْ صَارَ الْآنَ مِنْ شِعَارِ السَّلْطَنَةِ فَمَنْ تَرَكَهُ يُخْشَى عَلَيْهِ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَوْ قِيلَ إنَّ الدُّعَاءَ لَهُ وَاجِبٌ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ غَالِبًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قِيَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْعَ الْمُتَقَدِّمِينَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الْمُجَازَفَةِ فِي وَصْفِهِ مِثْلَ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ الْأَكْرَمِ شَاهِنْشَاهْ الْأَعْظَمِ مَالِكِ رِقَابِ الْأُمَمِ. فَفِي كِتَابِ الرِّدَّةِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة: سَأَلَ الصَّفَّارُ: هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا لِأَنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِهِ كُفْرٌ، وَبَعْضُهَا كَذِبٌ وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ لِلسُّلْطَانِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>