وَمِنْ السُّنَّةِ جُلُوسُهُ فِي مَخْدَعِهِ عَنْ يَمِينِ الْمِنْبَرِ وَلُبْسُ السَّوَادِ وَتَرْكُ السَّلَامِ مِنْ خُرُوجِهِ إلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ سَلَّمَ مُجْتَبَى (وَطَهَارَةٌ وَسَتْرُ) عَوْرَةٍ (قَائِمًا) وَهَلْ هِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ؟ الْأَصَحُّ لَا، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَشَطْرِهَا فِي الثَّوَابِ؛ وَلَوْ خَطَبَ جُنُبًا ثُمَّ اغْتَسَلَ وَصَلَّى
ــ
[رد المحتار]
بَعْضُ أَفْعَالِهِ ظُلْمٌ عَادِلٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَمَّا شَاهِنْشَاهْ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ اللَّهِ تَعَالَى بِدُونِ وَصْفِ الْأَعْظَمِ لَا يَجُوزُ وَصْفُ الْعِبَادِ بِهِ وَأَمَّا مَالِكُ رِقَابِ الْأُمَمِ فَهُوَ كَذِبٌ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ: فَلِذَا كَانَ أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ يَتَبَاعَدُونَ عَنْ الْمِحْرَابِ يَوْمَ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ اهـ أَمَّا مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ الدُّعَاءِ لِلسَّلَاطِينِ الْعُثْمَانِيَّةِ - أَيَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَسُلْطَانِ الْبَرَّيْنِ وَالْبَحْرَيْنِ وَخَادِمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فِي مَخْدَعِهِ) هُوَ الْخَلْوَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُد. الْمِخْدَعُ هُوَ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَكُونُ دَاخِلَ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ وَمِيمُهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ. اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمِخْدَعُ كَمِنْبَرِ الْخِزَانَةُ اهـ مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ عَنْ يَمِينِ الْمِنْبَرِ) قَيْدٌ لِمِخْدَعِهِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي جِهَتِهِ أَوْ نَاحِيَتِهِ، وَتُكْرَهُ صَلَاتُهُ فِي الْمِحْرَابِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ السَّوَادِ) اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ وَلِلتَّوَارُثِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ بَحْرٌ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْخَطِيبِ، وَإِلَّا فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لُبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ
وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مِنْ فَصْلِ اللِّبَاسِ: وَيُسْتَحَبُّ الْأَبْيَضُ، وَكَذَا الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ شِعَارُ بَنِي الْعَبَّاسِ «وَدَخَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» اهـ. وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عَدِيٍّ «كَانَ لَهُ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيُرْخِيهَا خَلْفَهُ» (قَوْلُهُ وَتَرْكُ السَّلَامِ) وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ اسْتَدْبَرَهُمْ فِي صُعُودِهِ. اهـ. بَحْرٌ.
قُلْت: وَعِبَارَتُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَيُرْوَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ اسْتَدْبَرَهُمْ فِي صُعُودِهِ (قَوْلُهُ وَطَهَارَةٌ وَسَتْرُ عَوْرَةٍ قَائِمًا) جَعَلَ الثَّلَاثَةَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَاجِبَاتٍ مَعَ أَنَّهُ نَفْسَهُ صَرَّحَ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى بِسُنِّيَّةِ الطَّهَارَةِ وَالْقِيَامِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ أَيْضًا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَالْمَوَاهِبِ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ تَرْكِ الثَّلَاثَةِ وَلَعَلَّ مَعْنَى سُنِّيَّةِ السَّتْرِ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبًا خَارِجَهَا وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ هُوَ الِاعْتِدَادُ بِهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ إعَادَتِهَا لَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ بِهُبُوبِ رِيحٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا الطَّهَارَةُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَاجِبَةٌ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِلَا خُطْبَةٍ فَتَصِحُّ خُطْبَتُهُ وَإِنْ أَثِمَ لَهُ مُتَعَمِّدًا، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ وَالطَّهَارَةُ سُنَّةٌ عِنْدَنَا لَا شَرْطٌ حَتَّى إنَّ الْإِمَامَ إذَا خَطَبَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ شَرْطًا لِجَوَازِ الْجُمُعَةِ. اهـ. وَفِي الْفَيْضِ وَلَوْ خَطَبَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا جَازَ وَيَأْثَمُ إثْمَ إقَامَةِ الْخَطِيبِ فِي الْمَسْجِدِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَعْنَى السُّنِّيَّةِ مُقَابِلُ الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْخُطْبَةِ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا كَمَا قُلْنَا: وَنَظِيرُ ذَلِكَ عَدُّهُ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ لِأَجْلِ إيجَابِ الدَّمِ بِتَرْكِهِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي جَمِيعِ مَشَاهِدِ الْحَجِّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ إلَّا فِي الطَّوَافِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَاغْتَنِمْهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: فَإِنْ قِيلَ: مِنْ الْمَعْلُومِ يَقِينًا «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَخْطُبْ قَطُّ بِدُونِ سَتْرٍ وَطَهَارَةٍ» . قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنْ لِكَوْنِ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَعَادَتَهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِخُصُوصِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا) وَلِذَا لَا يُشْتَرَطُ لَهَا سَائِرُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ كَالِاسْتِقْبَالِ وَالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ بَلْ كَشَطْرِهَا فِي الثَّوَابِ) هَذَا تَأْوِيلٌ لِمَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ مِنْ أَنَّ الْخُطْبَةَ كَشَطْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا قَامَتْ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ كَمَا قَامَتْ الْجُمُعَةُ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute