للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْإِمَامِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجَامِعِ لِلْوَارِدِينَ كَافِي فَلَا يَضُرُّ غَلْقُ بَابِ الْقَلْعَةِ لِعَدُوٍّ أَوْ لِعَادَةٍ قَدِيمَةٍ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْعَامَّ مُقَرَّرٌ لِأَهْلِهِ وَغَلْقُهُ لِمَنْعِ الْعَدُوِّ لَا الْمُصَلِّي، نَعَمْ لَوْ لَمْ يُغْلَقْ لَكَانَ أَحْسَنَ كَمَا فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ مَعْزِيًّا لِشَرْحِ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ فَلْيُحْفَظْ (فَلَوْ دَخَلَ أَمِيرٌ حِصْنًا) أَوْ قَصْرَهُ (وَأَغْلَقَ بَابَهُ) وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) وَلَوْ فَتَحَهُ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ جَازَ وَكُرِهَ، فَالْإِمَامُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إلَى الْعَامَّةِ مُحْتَاجٌ، فَسُبْحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ الِاحْتِيَاجِ.

ــ

[رد المحتار]

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ بَلْ هُوَ مَذْكُورٌ فِي النَّوَادِرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ (قَوْلُهُ مِنْ الْإِمَامِ) قَيَّدَ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمِثَالِ الْآتِي وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْإِذْنُ مِنْ مُقِيمِهَا لِمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ جَمَاعَةٌ بَابَ الْجَامِعِ وَصَلَّوْا فِيهِ الْجُمُعَةَ لَا يَجُوزُ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْصُلُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صَرِيحُ الْإِذْنِ ط (قَوْلُهُ لِلْوَارِدِينَ) أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ بِهَا فَلَا يَضُرُّ مَنْعُ نَحْوِ النِّسَاءِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْعَامَّ مُقَرَّرٌ لِأَهْلِهِ) أَيْ لِأَهْلِ الْقَلْعَةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحِصْنِ وَالْأَحْسَنُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الْمِصْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِذْنُ لِأَهْلِ الْحِصْنِ فَقَطْ بَلْ الشَّرْطُ الْإِذْنُ لِلْجَمَاعَاتِ كُلِّهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَغَلَقَهُ لِمَنْعِ الْعَدُوِّ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِذْنَ هُنَا مَوْجُودٌ قَبْلَ غَلْقِ الْبَابِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَاَلَّذِي يَضُرُّ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ الْمُصَلِّينَ لَا مَنْعُ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اشْتِرَاطُ الْإِذْنِ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَا قَبْلَهَا لِأَنَّ النِّدَاءَ لِلِاشْتِهَارِ كَمَا مَرَّ وَهُمْ يُغْلِقُونَ الْبَابَ وَقْتَ النِّدَاءِ أَوْ قُبَيْلَهُ فَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَأَرَادَ الذَّهَابَ إلَيْهَا لَا يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فَالْمَنْعُ حَالَ الصَّلَاةِ مُتَحَقِّقٌ وَلِذَا اسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ عَدَمَ الصِّحَّةِ ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَهُ فِي نَهْجِ النَّجَاةِ مَعْزِيًّا إلَى رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ) مَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ هُوَ مَا فَرَّعَهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ دَخَلَ أَمِيرٌ حِصْنًا أَيْ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصْرَهُ) كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَكَرَ الْوَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلسِّيَاقِ أَوْ مِصْرَهُ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْقَافِ.

قُلْت: وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ عَنْ السِّيَاقِ. وَفِي الْكَافِي التَّعْبِيرُ بِالدَّارِ حَيْثُ قَالَ: وَالْإِذْنُ الْعَامُّ وَهُوَ أَنْ تُفْتَحَ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَيُؤْذَنَ لِلنَّاسِ، حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ فِي الْجَامِعِ وَأَغْلَقُوا الْأَبْوَابَ وَجَمَعُوا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا السُّلْطَانُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِحَشَمِهِ فِي دَارِهِ فَإِنْ فَتَحَ بَابَهَا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ إذْنًا عَامًّا جَازَتْ صَلَاتُهُ شَهِدَتْهَا الْعَامَّةُ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ أَبْوَابَ الدَّارِ وَأَغْلَقَ الْأَبْوَابَ وَأَجْلَسَ الْبَوَّابِينَ لِيَمْنَعُوا عَنْ الدُّخُولِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ السُّلْطَانِ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ تَفْوِيتِهَا عَلَى النَّاسِ وَذَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِذْنِ الْعَامِّ. اهـ.

قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النِّزَاعِ مَا إذَا كَانَتْ لَا تُقَامُ إلَّا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَتْ فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّفْوِيتُ كَمَا أَفَادَهُ التَّعْلِيلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ النَّاسَ فَلَا يَضُرُّ إغْلَاقُهُ لِمَنْعِ عَدُوٍّ أَوْ لِعَادَةٍ كَمَا مَرَّ ط.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْكَافِي وَأَجْلَسَ الْبَوَّابِينَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ إلَخْ) مُفَادُهُ اشْتِرَاطُ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ، وَفِي مِنَحِ الْغَفَّارِ وَكَذَا أَيْ لَا يَصِحُّ لَوْ جَمَعَ فِي قَصْرِهِ لِحَشَمِهِ وَلَمْ يُغْلِقْ الْبَابَ وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْ النَّاسَ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ حَقَّ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ زَيْلَعِيٌّ وَدُرَرٌ (قَوْلُهُ فَالْإِمَامُ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>