(وَشُرِطَ لِافْتِرَاضِهَا) تِسْعَةٌ تَخْتَصُّ بِهَا (إقَامَةٌ بِمِصْرٍ) وَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُلْتَقَى، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ تَقْدِيرُهُ بِفَرْسَخٍ وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ اعْتِبَارَ عَوْدِهِ لِبَيْتِهِ بِلَا كُلْفَةٍ (وَصِحَّةٌ) وَأَلْحَقَ بِالْمَرِيضِ الْمُمَرِّضَ وَالشَّيْخَ الْفَانِيَّ (وَحُرِّيَّةٌ) وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهَا عَلَى مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ
(قَوْلُهُ تَخْتَصُّ بِهَا) إنَّمَا وَصَفَ التِّسْعَةَ بِالِاخْتِصَاصِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ أَحَدَ عَشَرَ لَكِنَّ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ مِنْهَا لَيْسَا خَاصَّيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: إقَامَةً) خَرَجَ بِهِ الْمُسَافِرُ، وَقَوْلُهُ: بِمِصْرٍ أَخْرَجَ الْإِقَامَةَ فِي غَيْرِهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ ح (قَوْلُهُ يَسْمَعُ النِّدَاءَ) أَيْ مِنْ الْمَنَابِرِ بِأَعْلَى صَوْتٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي حَدِّ الْفِنَاءِ الَّذِي تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي حَدِّ الْمَكَانِ الَّذِي مَنْ كَانَ فِيهِ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَى الْمِصْرِ لِيُصَلِّيَهَا فِيهِ نَعَمْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ فَرْسَخٌ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) هُوَ مَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَصَحَّحَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ بِوُجُوبِهَا عَلَى مَنْ كَانَ دَاخِلَ حَدِّ الْإِقَامَةِ أَيْ الَّذِي مَنْ فَارَقَهُ يَصِيرُ مُسَافِرًا وَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ يَصِيرُ مُقِيمًا، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ الْمُسَمَّى بِالْبُرْهَانِ بِأَنَّ وُجُوبَهَا مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْمِصْرِ وَالْخَارِجُ عَنْ هَذَا الْحَدِّ لَيْسَ أَهْلَهُ. اهـ.
قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ أَصَحُّ مَا قِيلَ. وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمُقِيمُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ أَطْرَافِ الْمِصْرِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمْرَانِ الْمِصْرِ فُرْجَةٌ مِنْ مَزَارِعَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَلَغَهُ النِّدَاءُ وَتَقْدِيرُ الْبُعْدِ بِغَلْوَةٍ أَوْ مَيْلٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الْإِمَامَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْمِصْرَ أَوْ مَا يَتَّصِلُ بِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ وَلَوْ قَرِيبًا وَهَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ اهـ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّجْنِيسِ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: تَنْبِيهٌ قَدْ عَلِمْت بِنَصِّ الْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ وَالرِّوَايَاتِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ النِّدَاءِ وَلَا بِالْغَلْوَةِ وَالْأَمْيَالِ فَلَا عَلَيْك مِنْ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّحَ اهـ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ والتتارخانية بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَصِحُّ إقَامَتُهَا فِي الْفِنَاءِ وَلَوْ مُنْفَصِلًا بِمَزَارِعَ فَإِذَا صَحَّتْ فِي الْفِنَاءِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمِصْرِ يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِيهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الْبُرْهَانِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ وَصِحَّةٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَلَا تَجِبُ عَلَى مَرِيضٍ سَاءَ مِزَاجُهُ وَأَمْكَنَ فِي الْأَغْلَبِ عِلَاجُهُ فَخَرَجَ الْمُقْعَدُ وَالْأَعْمَى وَلِذَا عَطَفَهُمَا عَلَيْهِ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ اهـ فَلَوْ وَجَدَ الْمَرِيضُ مَا يَرْكَبُهُ فَفِي الْقُنْيَةِ هُوَ كَالْأَعْمَى عَلَى الْخِلَافِ إذَا وَجَدَ قَائِدًا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَالْمُقْعَدِ، وَقِيلَ هُوَ كَالْقَادِرِ عَلَى الشَّيْءِ فَتَجِبُ فِي قَوْلِهِمْ وَتَعَقَّبَهُ السُّرُوجِيُّ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ عَدَمِهِ لِأَنَّ فِي الْتِزَامِهِ الرُّكُوبَ وَالْحُضُورَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ.
قُلْت: فَيَنْبَغِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِ كَذَلِكَ حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِالْمَرِيضِ الْمُمَرِّضَ) أَيْ مَنْ يَعُولُ الْمَرِيضَ وَهَذَا إنْ بَقِيَ الْمَرِيضُ ضَائِعًا بِخُرُوجِهِ فِي الْأَصَحِّ حِلْيَةٌ وَجَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ أَيْ لِوُجُودِ الرِّقِّ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمُبَعَّضِ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ وَصَارَ يَسْعَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute