للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفَسَادُهُمَا ظَاهِرٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَثَرَ الْخِلَافِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ التَّعَالِيقِ، نَحْوُ: إنْ وَجَبَ عَلَيْك طَهَارَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ دُونَ الْإِثْمِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْحَدَثِ، ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ إثْبَاتِ الثَّمَرَةِ مِنْ جِهَةِ الْإِثْمِ، بَلْ وُجُوبُهَا مُوَسَّعٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَالصَّلَاةِ، فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ صَارَ الْوُجُوبُ فِيهِمَا مُضَيِّقًا.

وَشَرَائِطُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ شَرَائِطُ وُجُوبِهَا تِسْعَةٌ، وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا أَرْبَعَةٌ، وَنَظَمَهَا شَيْخُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ شَارِحُ نَظْمِ الْكَنْزِ فَقَالَ:

شَرْطُ الْوُجُوبِ الْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ ... وَقُدْرَةٌ مَاءٌ وَالِاحْتِلَامُ

وَحَدَثٌ وَنَفْيُ حَيْضٍ وَعَدَمْ ... نِفَاسِهَا وَضِيقُ وَقْتٍ قَدْ هَجَمْ

وَشَرْطُ صِحَّةٍ عُمُومْ الْبَشَرَهْ ... بِمَائِهِ الطَّهُورِ ثُمَّ فِي الْمَرَهْ

فَقْدُ نِفَاسِهَا وَحَيْضِهَا وَأَنْ ... يَزُولَ كُلُّ مَانِعٍ عَنْ الْبَدَنْ

ــ

[رد المحتار]

الْمُسْتَدِلُّونَ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ بِالطَّرْدِ وَالْعَكْسِ وَيُسَمَّى الدَّوَرَانُ كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعِهِ. وَخَالَفَهُمْ فِيهِ الْحَنَفِيَّةُ وَمُحَقِّقُو الْأَشَاعِرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَفَسَادُهُمَا ظَاهِرٌ) لِمَا عَلِمْته مِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ عَلِمْت الْجَوَابَ عَمَّا يَرُدُّ عَلَى الثَّانِي، فَكَانَ عَلَيْهِ إفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ أَثَرَ الْخِلَافِ) أَيْ فَائِدَةَ الِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ.

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ التَّعَالِيقِ) أَيْ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا كَصِدْقِ الْإِخْبَارِ بِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَكَذِبِهِ أَفَادَهُ ط، وَفِيمَا إذَا اُسْتُشْهِدَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَقَدْ صَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهَا تُغَسَّلُ، فَكَانَ تَصْحِيحًا لِكَوْنِ السَّبَبِ الْحَدَثَ أَعْنِي الْحَيْضَ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، أَيْ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَجَبَ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ انْقِطَاعُ الدَّمِ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِقَوْلِ أَهْلِ الطَّرْدِ.

(قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَتَطْلُقُ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَبِوُجُوبِهَا عَلَى الثَّانِي، وَبِالْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ عَلَى الثَّالِثِ، وَبِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى الرَّابِعِ.

(قَوْلُهُ: بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْحَدَثِ) أَيْ أَوْ الْخَبَثِ، أَوْ عَنْ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْقِيَامِ إلَيْهَا ط.

(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ) هُوَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ سِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ. قَالَ فِي غَسْلِ الْبَحْرِ: وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْغُسْلُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ قَبْلَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، أَوْ إرَادَةِ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهِ. اهـ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ لِثُبُوتِ الِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِ الطَّهَارَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى. ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ وَفَّقَ بِذَلِكَ بَيْنَ كَلَامِ الْهِنْدِيِّ وَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي السِّرَاجِ إلَخْ) هُوَ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ لِلْحَدَّادِيِّ صَاحِبِ الْجَوْهَرَةِ، وَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِالِانْقِطَاعِ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَعَامَّةِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَبِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ ثُمَّ قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَخَّرَتْ الْغُسْلَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ فَتَأْثَمُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِلْحَدَثِ، وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّينَ لِلصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ وُجُوبُهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ.

(قَوْلُهُ: بِدُخُولِ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، لِقَوْلِهِ وُجُوبُهَا لَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُوَسَّعٌ.

وَكَوْنُ وُجُوبِهَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ مِنْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ إذْ وُجُوبُ الصَّلَاةِ أَيْضًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ اهـ ح.

(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَشَرَائِطُهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: هُوَ جَمْعُ شَرْطٍ عَلَى خِلَافِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الصَّرْفِيَّةِ، إذْ لَمْ يُحْفَظْ فَعَائِلُ جَمْعُ فَعْلٍ بَلْ جَمْعُهُ شُرُوطٌ.

(قَوْلُهُ: شَرَائِطُ وُجُوبِهَا إلَخْ) أَيْ الطَّهَارَةِ أَعَمُّ مِنْ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَشَرَائِطُ الْوُجُوبِ هِيَ مَا إذَا اجْتَمَعَتْ وَجَبَتْ الطَّهَارَةُ عَلَى شَخْصٍ. وَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ مَا لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ إلَّا بِهَا، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ بَلْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَجْهِيٌّ، وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ الْخِطَابُ وَلِلصِّحَّةِ مِنْ حَيْثُ أَدَاءُ الْوَاجِبِ أَفَادَهُ ط.

(قَوْلُهُ: شَرْطُ الْوُجُوبِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْعَقْلُ إلَخْ ط.

(قَوْلُهُ: الْعَقْلُ إلَخْ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَلَا عَلَى كَافِرٍ، بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْعِبَادَاتِ، وَلَا عَلَى عَاجِزٍ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمُطَهِّرِ، وَلَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>