للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَعْضِهَا (إنْ) اخْتَارَ الْعَزِيمَةَ وَ (صَلَّاهَا وَهُوَ مُكَلَّفٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ (وَقَعَتْ فَرْضًا) عَنْ الْوَقْتِ لِئَلَّا يَعُودَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ وَفِي الْبَحْرِ هِيَ أَفْضَلُ إلَّا لِلْمَرْأَةِ

(وَيَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فِيهَا مَنْ صَلُحَ لِغَيْرِهَا فَجَازَتْ لِمُسَافِرٍ وَعَبْدٍ وَمَرِيضٍ وَتَنْعَقِدُ) الْجُمُعَةُ (بِهِمْ) أَيْ بِحُضُورِهِمْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى

(وَحَرُمَ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ قَبْلَهَا) أَمَّا بَعْدَهَا فَلَا يُكْرَهُ غَايَةً (فِي يَوْمِهَا بِمِصْرٍ) لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ حَرَامٌ (فَإِنْ فَعَلَ ثُمَّ) نَدِمَ وَ (سَعَى) عَبَّرَ بِهِ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ شُرُوطِ الِافْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ الْعَزِيمَةَ) أَيْ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ فِي تَرْكِهَا إلَى الظُّهْرِ فَصَارَتْ الظُّهْرُ فِي حَقِّهِ رُخْصَةً، وَالْجُمُعَةُ عَزِيمَةً كَالْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ هُوَ رُخْصَةٌ لَهُ وَالصَّوْمُ عَزِيمَةٌ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ أَشَقُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَالِغٌ عَاقِلٌ) تَفْسِيرٌ لِلْمُكَلَّفِ، وَخَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ فَإِنَّهَا تَقَعُ مِنْهُ نَفْلًا وَالْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ أَصْلًا بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَعُودَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ) يَعْنِي لَوْ لَمْ نَقُلْ بِوُقُوعِهَا فَرْضًا بَلْ أَلْزَمْنَاهُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ لَعَادَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي حَقِّهِ رُخْصَةٌ، فَإِذَا أَتَى بِالْعَزِيمَةِ وَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ صَحَّ، وَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ بِالظُّهْرِ بَعْدَهَا لَحَمَّلْنَاهُ مَشَقَّةً وَنَقَضْنَا الْمَوْضُوعَ فِي حَقِّهِ وَهُوَ التَّسْهِيلُ. اهـ. ح.

قُلْت: فَالْمُرَادُ بِالْمَوْضُوعِ الْأَصْلُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ سُقُوطُ الْجُمُعَةِ هُنَا وَهُوَ التَّسْهِيلُ وَالتَّرْخِيصُ الَّذِي اسْتَدْعَاهُ الْعُذْرُ وَمِنْهُ النَّظَرُ لِلْمَوْلَى فِي جَانِبِ الْعَبْدِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهَا وَقَدْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى الْمَوْلَى لَوَجَبَ عَلَيْهِ الظُّهْرُ فَتَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ ثَانِيًا فَيَنْقَلِبُ النَّظَرُ ضَرَرًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الظُّهْرَ لَهُمْ رُخْصَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ عَزِيمَةٌ، وَهِيَ أَفْضَلُ إلَّا لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْتُهَا لَصِيقُ جِدَارِ الْمَسْجِدِ بِلَا مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ تَكُونُ أَفْضَلَ لَهَا أَيْضًا

(قَوْلُهُ مَنْ صَلَحَ لِغَيْرِهَا) أَيْ لِإِمَامَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالْمُرَادُ الْإِمَامَةُ لِلرِّجَالِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ لِأَنَّهُ مَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ) أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، حَيْثُ قَالَ بِصِحَّةِ إمَامَتِهِمْ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِمْ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا صَلَحُوا لِلْإِمَامَةِ فَلَأَنْ يَصْلُحُوا لِلِاقْتِدَاءِ أَوْلَى عِنَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ وَالْكَنْزِ وَكُرِهَ لِقَوْلِ ابْنِ الْهُمَامِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ حَرُمَ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَرْضَ الْقَطْعِيَّ بِاتِّفَاقِهِمْ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْ الظُّهْرِ غَيْرَ أَنَّ الظُّهْرَ تَقَعُ صَحِيحَةً، وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا.

وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْحَرَامَ هُوَ تَرْكُ السَّعْيِ الْمُفَوِّتِ لَهَا أَمَّا صَلَاةُ الظُّهْرِ قَبْلَهَا فَغَيْرُ مُفَوِّتَةٍ لِلْجُمُعَةِ حَتَّى تَكُونَ حَرَامًا فَإِنَّ سَعْيَهُ بَعْدَهَا لِلْجُمُعَةِ فَرْضٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الظُّهْرُ قَبْلَهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلتَّفْوِيتِ بِاعْتِمَادِهِ عَلَيْهَا وَهُمْ إنَّمَا حَكَمُوا بِالْكَرَاهَةِ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ لَا عَلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ اهـ مُلَخَّصًا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ) أَمَّا الْمَعْذُورُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى فَرَاغِ الْإِمَامِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ) بَلْ هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَنَفْسُ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَتَفْوِيتُ الْجُمُعَةِ حَرَامٌ، وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا. اهـ. يَعْنِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ لِذَاتِ الصَّلَاةِ بَلْ لِخَارِجٍ عَنْهَا، وَهُوَ كَوْنُهَا سَبَبًا لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا بَعْدَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لَمْ يُكْرَهْ فِعْلُهَا بَعْدَهَا بَلْ يَجِبُ. وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُ الْغَايَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ فِعْلَهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ لِلْجُمُعَةِ لَا بَعْدَ فَوْتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي يَوْمِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الظُّهْرِ أَيْ الظُّهْرُ الْوَاقِعُ فِي يَوْمِهَا احْتِرَازًا عَنْ ظُهْرٍ سَابِقٍ عَلَى يَوْمِهَا فَإِنَّهُ لَوْ قَضَاهُ قَبْلَهَا لَمْ يُكْرَهْ بَلْ يَجِبُ عَلَى ذِي تَرْتِيبٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِمِصْرٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ فَلَا يُكْرَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ سَبَبًا) قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ بَحْثِ صَاحِبِ الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّفْوِيتُ (قَوْلُهُ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ) أَيْ لِأَنَّ السَّعْيَ مُقْتَضٍ لِلْهَرْوَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمَشْيُ إلَيْهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ. اهـ. ح وَكَأَنَّهُ اُخْتِيرَ التَّعْبِيرُ بِهِ فِي الْآيَةِ لِلْحَثِّ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَبَّرَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>