للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ (إلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يُقِمْهَا أَصْلًا لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ فَالْبُطْلَانُ بِهِ مُقَيَّدٌ بِإِمْكَانِ إدْرَاكِهَا (بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ) بَابِ (دَارِهِ) وَالْإِمَامُ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ السِّرَاجُ (بَطَلَ) ظُهْرُهُ لَا أَصْلُ الصَّلَاةِ وَلَا ظُهْرُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ وَلَمْ يَسْعَ (أَدْرَكَهَا أَوْ لَا) بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَعْذُورٍ وَغَيْرِهِ

ــ

[رد المحتار]

إلَخْ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ أَوْ يَقُولَ: وَلِأَنَّهُ بِالْعَطْفِ عَلَى اتِّبَاعًا (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ صَلَّى فِي مَجْلِسِهِ، أَمَّا لَوْ قَامَ مِنْهُ وَسَعَى إلَى مَكَان آخَرَ عَلَى عَزْمِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ سَعْيِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ إلَخْ) وَلَوْ شَرَّكَ فِيهَا فَالْعِبْرَةُ لِلْأَغْلَبِ كَمَا يُفَادُ مِنْ الْبَحْرِ ط وَفِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بِالنَّظَرِ إلَى الثَّوَابِ وَهَلْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ هُنَا؟ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْأَغْلَبُ الْحَاجَةَ لَتَحَقَّقَ السَّعْيُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَا ثَوَابَ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا فِي الْفَتْحِ لَوْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا لِأَنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَكُونُ سَعْيُهُ إلَيْهَا وَلَكِنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُنَاسِبُ إخْرَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَالْإِمَامُ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُقِمْهَا أَصْلًا) أَيْ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا لَوْ تَوَجَّهَ إلَيْهَا، وَالْإِمَامُ وَالنَّاسُ فِيهَا إلَّا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا لِنَائِبَةٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ ظُهْرُهُ بَحْرٌ عَنْ السِّرَاجِ (قَوْلُهُ فَالْبُطْلَانُ بِهِ) أَيْ بُطْلَانُ الظُّهْرِ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِإِمْكَانِ إدْرَاكِهَا) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَأَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ بِمَا يَأْتِي عَنْ السِّرَاجِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا تَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ سِرَاجٌ) تَبِعَ فِي هَذَا صَاحِبَ النَّهْرِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَطْلَقَ أَيْ فِي الْبُطْلَانِ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ مَعَ كَوْنِ الْإِمَامِ فِيهَا وَقْتَ الْخُرُوجِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَلْخِيِّينَ.

قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ إلَيْهَا، وَهِيَ لَمْ تَفُتْ بَعْدُ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْتُهُ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ وَسَمِعَ الْجَمَاعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَتَوَجَّهَ بَعْدَمَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ بَطَلَ الظُّهْرُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا. اهـ.

قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ كَالنِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ بَطَلَ ظُهْرُهُ) أَيْ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ وَصَارَ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ وَلَا ظُهْرُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ إلَخْ) لِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يَضُرُّ الْمَأْمُومَ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ: أَيْ فَلَا يُقَالُ الْأَصْلُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ تَفْسُدُ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْقَ مَأْمُومًا وَلَهُ نَظَائِرُ قَدَّمْنَاهَا فِي بَابِ الْإِمَامَةِ. مِنْهَا: مَا لَوْ ارْتَدَّ الْإِمَامُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ دُونَ الْقَوْمِ.

وَمِنْهَا: مَا لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ أَوْ سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْجُدُوا مَعَهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَدْرَكَهَا أَوْ لَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ إدْرَاكِهِ لَهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِإِمْكَانِ إدْرَاكِهَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَافْهَمْ ثُمَّ إذَا لَمْ يُدْرِكْهَا أَوْ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ فَرَجَعَ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ: بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَعْذُورٍ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ فِي الِانْتِقَاضِ بِالسَّعْيِ اهـ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى غَايَةِ الْبَيَانِ وَالسِّرَاجِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِالسَّعْيِ إلَيْهَا مُطْلَقًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ وَلَا بِالشُّرُوعِ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ سَقَطَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِنَقْضِهِ فَتَكُونُ الْجُمُعَةُ نَفْلًا كَمَا قَالَ بِهِ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ أَنَّ ظُهْرَهُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِحُضُورِهِ الْجُمُعَةَ لَا بِمُجَرَّدِ سَعْيِهِ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَهُوَ أَخَفُّ إشْكَالًا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>