للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَوَجَبَ سَعْيٌ إلَيْهَا وَتَرْكُ الْبَيْعِ) وَلَوْ مَعَ السَّعْيِ، فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ وِزْرًا (بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ) فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ بَلْ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ. وَأَفَادَ فِي الْبَحْرِ صِحَّةَ إطْلَاقِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا (وَيُؤَذِّنُ) ثَانِيًا (بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ الْخَطِيبِ. أَفَادَ بِوَحْدَةِ الْفِعْلِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَلَا يَجْتَمِعُونَ كَمَا فِي الْجَلَّابِيِّ والتمرتاشي ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ

(إذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ) فَإِذَا أَتَمَّ أُقِيمَتْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَوَجَبَ سَعْيٌ) لَمْ يَقُلْ اُفْتُرِضَ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهِ هَلْ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَوْ الْعِبْرَةُ لِدُخُولِ الْوَقْتِ؟ بَحْرٌ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّعْيَ نَفْسَهُ فَرْضٌ وَالْوَاجِبُ كَوْنُهُ فِي وَقْتِ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهِ لَا يَمْنَعُ الْقَوْلَ بِفَرْضِيَّتِهِ كَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَرْضٌ إجْمَاعًا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ) أَرَادَ بِهِ كُلَّ عَمَلٍ يُنَافِي السَّعْيَ وَخَصَّهُ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ السَّعْيِ) صَرَّحَ فِي السِّرَاجِ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَشْغَلْهُ بَحْرٌ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ نَهْرٌ.

قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِتَعْلِيلِ النَّهْيِ بِالْإِخْلَالِ بِالسَّعْيِ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَسْجِدِ) أَوْ عَلَى بَابِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ فَقِيلَ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْمِنْبَرِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ أَوَّلًا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَزَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى أَحْدَثَ عُثْمَانُ الْأَذَانَ الثَّانِي عَلَى الزَّوْرَاءِ حِينَ كَثُرَ النَّاسُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْمَنَارَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ. اهـ. وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِّ اسْمُ مَوْضِعٍ فِي الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ صِحَّةُ إطْلَاقِ الْحُرْمَةِ) قُلْت: سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ كُلُّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ. اهـ. نَعَمْ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رِوَايَةً عَنْهُمَا كَمَا سَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَشَارَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الْأَذَانِ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ حَيْثُ اعْتَرَضَ عَلَى الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِأَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ لَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَذِّنُ ثَانِيًا بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ أَفَادَ إلَخْ) هَذِهِ الْإِفَادَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا قُرِئَ الْفِعْلُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَمَّا إذَا قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا تَظْهَرُ ط. قُلْت: وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ) وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يُؤَذِّنُونَ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَارِحِيهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ خِلَافَهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذَكَرَ الْمُؤَذِّنِينَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ إخْرَاجًا لِلْكَلَامِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فَإِنَّ الْمُتَوَارَثَ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ اجْتِمَاعُ الْمُؤَذِّنِينَ لِتَبْلُغَ أَصْوَاتُهُمْ إلَى أَطْرَافِ الْمِصْرِ الْجَامِعِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

قُلْت: وَالْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ الْمُؤَذِّنِينَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ

(قَوْلُهُ الْمِنْبَرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ النَّبْرِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ. وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَيْهِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَحْرٌ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى يَسَارِ الْمِحْرَابِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَمِنْبَرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ثَلَاثَ دَرَجٍ غَيْرَ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ النُّزُولِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ إلَى دَرَجَةٍ سُفْلَى ثُمَّ الْعَوْدُ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ شَنِيعَةٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَتَمَّ) أَيْ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ أُقِيمَتْ) بِحَيْثُ يَتَّصِلُ أَوَّلُ الْإِقَامَةِ بِآخِرِ الْخُطْبَةِ وَتَنْتَهِي الْإِقَامَةُ بِقِيَامِ الْخَطِيبِ مَقَامَ الصَّلَاةِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقُونَ، وَلَا يُكْرَهُ غَيْرُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَةَ الْأَعْلَى وَالْغَاشِيَةِ قُهُسْتَانِيٌّ. وَفِي الْبَحْرِ وَلَكِنْ لَا يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى هَجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>