للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَنُدِبَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَكْلُهُ) حُلْوًا وِتْرًا وَلَوْ قَرَوِيًّا (قَبْلَ) خُرُوجِهِ إلَى (صَلَاتِهَا وَاسْتِيَاكُهُ وَاغْتِسَالُهُ وَتَطَيُّبُهُ) بِمَا لَهُ رِيحٌ لَا لَوْنٌ (وَلُبْسُهُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ (وَأَدَاءُ فِطْرَتِهِ) صَحَّ عَطْفُهُ عَلَى أَكْلِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَمِنْ ثَمَّ أَتَى بِكَلِمَةٍ (ثُمَّ خُرُوجُهُ) لِيُفِيدَ تَرَاخِيَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا مَرَّ (مَاشِيًا إلَى الْجَبَّانَةِ)

ــ

[رد المحتار]

تَبَعًا لِلدُّرَرِ، وَمِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ الْكُسُوفَ عَلَى الْفَرْضِ وَهُوَ بَحْثٌ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَقْدِيمِ الْعِيدِ عَلَى الْكُسُوفِ مَعَ أَنَّ الْعِيدَ وَاجِبٌ فَقُدِّمَ فَبِالْأَوْلَى تَقْدِيمُ فَرْضِ الْوَقْتِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ بَابِ الْكُسُوفِ: إذَا اجْتَمَعَ الْكُسُوفُ وَالْجِنَازَةُ بُدِئَ بِالْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ وَقَدْ يُخْشَى عَلَى الْمَيِّتِ التَّغَيُّرُ اهـ أَيْ لِطُولِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ. وَقَدْ يُقَالُ: قُدِّمَ الْعِيدُ لِئَلَّا يَحْصُلَ الِاشْتِبَاهُ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى بِجَمْعٍ عَظِيمٍ، وَعَلَى هَذَا تُقَدَّمُ الْجُمُعَةُ أَيْضًا عَلَى الْكُسُوفِ؛ وَلِذَا خَصَّ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ تَقْدِيمَ فَرْضِ الْوَقْتِ دُونَ الْجُمُعَةِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ تَقْدِيمُ فَرْضِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ وَقْتَهُ ضَيِّقٌ كَمَا بَحَثَهُ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْته صَرِيحًا فِي جَنَائِزِ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ بَعْدَهُ وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فَافْهَمْ.

مَطْلَبٌ يُطْلَقُ الْمُسْتَحَبُّ عَلَى السُّنَّةِ وَبِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ يَوْمُ الْفِطْرِ إلَخْ) النَّدْبُ قَوْلُ الْبَعْضِ وَعَدَّ الْمُصَنِّفُ الْغُسْلَ سَابِقًا مِنْ السُّنَنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكُلَّ سُنَّةٌ لِخُصُوصِ الرِّجَالِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ ط وَزَادَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مُسْتَحَبًّا لِاشْتِمَالِ السُّنَّةِ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي وَحَاصِلُهُ تَجْوِيزُ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسْتَحَبِّ عَلَى السُّنَّةِ وَعَكْسُهُ وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ اسْمَ الْمُسْتَحَبِّ عَلَى الْغُسْلِ ثُمَّ قَالَ فَيُسَنُّ فِيهِ الْغُسْلُ اهـ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَنْدُوبَةٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمِنْ آدَابِهَا لَا مِنْ آدَابِ الْيَوْمِ كَمَا فِي الْجَلَّابِيِّ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ فِي غُسْلِهِ اخْتِلَافَ الْجُمُعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ حُلْوًا) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ ذَلِكَ الْمَطْعُومِ حُلْوًا لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا» . اهـ.

قُلْت: فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَ أَفْضَلُ كَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْخَبَرُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَأْكُلُ شَيْئًا حُلْوًا ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَوِيًّا) كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ بَلْ مِنْ سُنَنِ الْيَوْمِ لِأَنَّ فِي الْأَكْلِ مُبَادَرَةً إلَى قَبُولِ ضِيَافَةِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَإِلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِالْإِفْطَارِ بَعْدَ امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِالصِّيَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاسْتِيَاكُهُ) لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ اخْتِيَارٌ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاسْتِيَاكُ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ وَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَحَبُّ قَبْلَ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا أَيْضًا وَأَمَّا السِّوَاكُ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعِيدِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْأَحْسَنِ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبْيَضَ، وَالدَّلِيلُ دَالٌّ عَلَيْهِ فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ» وَفِي الْفَتْحِ الْحُلَّةُ الْحَمْرَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْيَمَنِ فِيهِمَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهَا أَحْمَرُ بَحْتٌ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُ الْبُرْدَةِ أَحَدَهُمَا اهـ أَيْ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْحُلَّةُ أَيْ فَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْأَحْمَرِ.

وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ وَالْحَاظِرُ عَلَى الْمُبِيحِ إذَا تَعَارَضَا فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَتَعَارَضَا بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ اهـ بِزِيَادَةٍ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى لُبْسِ الْأَحْمَرِ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ صَحَّ عَطْفُهُ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ صَحَّ عَطْفُ أَدَاءِ الْفُطْرَةِ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ مَعَ وُجُوبِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَدَاءِ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَالْوَاجِبُ مُطْلَقُ الْأَدَاءِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ جَمِيعِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ قَبْلَ الْخُرُوجِ ط (قَوْلُهُ أَتَى بِكَلِمَةِ ثَمَّ) أَيْ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي لِيُفِيدَ تَرَاخِيَ الْخُرُوجِ عَنْ الْجَمِيعِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِعْلُ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ لِأَنَّ الْفَاءَ رُبَّمَا تُوهِمُ تَعْقِيبَهُ عَلَى أَدَاءِ الْفِطْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>