وَفِي الْقُنْيَةِ: صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْقُرَى تُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَيْ لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمِصْرَ شَرْطُ الصِّحَّةِ
(وَتُقَدَّمُ) صَلَاتُهَا (عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا اجْتَمَعَا) لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَيْنًا وَالْجِنَازَةُ كِفَايَةً (وَ) تُقَدَّمُ (صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْخُطْبَةِ) وَعَلَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا وَالْعِيدِ عَلَى الْكُسُوفِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ الْأَذَانِ عَنْ الْحَلَبِيِّ الْفَتْوَى عَلَى تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ عَنْ السُّنَّةِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ كَأَنَّهُ إلْحَاقٌ لَهَا بِالصَّلَاةِ لَكِنْ فِي آخِرِ أَحْكَامِ دِينِ الْأَشْبَاهِ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ وَالْكُسُوفِ حَتَّى عَلَى الْفَرْضِ مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[رد المحتار]
وَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الصَّلَاةِ صَحَّتْ وَأَسَاءَ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْعِيدِ) وَمِثْلُهُ الْجُمُعَةُ ح (قَوْلُهُ بِمَا لَا يَصِحُّ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ عِيدٌ، وَإِلَّا فَهُوَ نَفْلٌ مَكْرُوهٌ لِأَدَائِهِ بِالْجَمَاعَةِ ح
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ مَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ إمَّا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي الْعِيدِ، وَإِمَّا عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِيَّةِ وَذَلِكَ فِي الْجِنَازَةِ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ ط. مَطْلَبٌ فِيمَا يَتَرَجَّحُ تَقْدِيمُهُ مِنْ صَلَاةِ عِيدٍ وَجِنَازَةٍ أَوْ كُسُوفٍ أَوْ فَرْضٍ أَوْ سُنَّةٍ
(قَوْلُهُ: وَالْجِنَازَةُ كِفَايَةً) فِيهِ أَنَّ الْعِيدَ إنْ تَرَجَّحَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِالْعَيْنِيَّةِ فَهِيَ تَرَجَّحَتْ عَلَيْهِ بِالْفَرْضِيَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّ الْعِيدَ تُؤَدَّى بِجَمْعٍ عَظِيمٍ يُخْشَى تَفَرُّقُهُ إنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِالْجِنَازَةِ اهـ ح.
قُلْت: بَلْ الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِخَوْفِ التَّشْوِيشِ عَلَى الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَظُنُّوهَا صَلَاةَ الْعِيدِ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي جَنَائِزِ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخُطْبَةِ) أَيْ خُطْبَةِ الْعِيدِ وَذَلِكَ لِفَرْضِيَّتِهَا وَسُنِّيَّةِ الْخُطْبَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ ط (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْعِيدِ عَلَى الْكُسُوفِ) لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا يُؤَدَّى بِجَمْعٍ عَظِيمٍ لَكِنَّ الْعِيدَ وَاجِبٌ، وَالْكُسُوفُ سُنَّةٌ ح.
هَذَا وَفِي السِّرَاجِ: إنْ كَانَ وَقْتُ الْعِيدِ وَاسِعًا يَبْدَأُ بِالْكُسُوفِ لِأَنَّهُ يَخْشَى فَوَاتَهُ، وَإِنْ ضَاقَ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ الْكُسُوفَ إنْ بَقِيَ. مَطْلَبٌ الْفُقَهَاءُ قَدْ يَذْكُرُونَ مَا لَا يُوجَدُ عَادَةً
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجْتَمِعَانِ، وَالْكُسُوفُ فِي الْعَادَةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْعِيدُ أَوَّلُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمُ الْعَاشِرِ. قُلْنَا: لَا يَمْتَنِعُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا كَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْتُهُ كَانَ يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ: عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يَذْكُرُونَ مَا لَا يُوجَدُ عَادَةً كَقَوْلِ الْفَرْضِيِّينَ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَةَ جَدَّةٍ. اهـ.
قُلْت: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِنَبِيٍّ يَسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيَّ بَلْ قَدْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِأَنْ يَشْهَدُوا عَلَى نُقْصَانِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ فَيَقَعُ الْعِيدُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ عَنْ الْحَلَبِيِّ) أَيْ الْعَلَّامَةِ الْمُحَقِّقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ عَنْ السُّنَّةِ) أَيْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ وَقَالَ فَعَلَى هَذَا تُؤَخَّرُ عَنْ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا آكَدُ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهَا) أَيْ لِلسُّنَّةِ بِالصَّلَاةِ أَيْ صَلَاةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي آخِرِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ، وَعَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ط (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ؛ وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضُ وَقْتٍ لَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْفَرْضِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ لِأَنَّهُ يَخْشَى فَوَاتَهُ بِالِانْجِلَاءِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ، وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ فَرْضٍ وَجُمُعَةٍ وَلَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ الْخُسُوفِ عَلَى الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ اهـ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ الْجِنَازَةَ عَلَى السُّنَّةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا عَلِمْت وَعَلَى الْعِيدِ وَهُوَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ