عِنْدَ الْكُسُوفِ (رَكْعَتَيْنِ) بَيَانٌ لِأَقَلِّهَا، وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا أَوْ أَكْثَرَ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ كُلَّ أَرْبَعٍ مُجْتَبَى وَصِفَتُهَا (كَالنَّفْلِ) أَيْ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ فِي غَيْرِ وَقْتٍ مَكْرُوهٍ (بِلَا أَذَانٍ وَ) لَا (إقَامَةٍ وَ) لَا (جَهْرٍ وَ) لَا (خُطْبَةٍ) وَيُنَادِي: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لِيَجْتَمِعُوا (وَيُطِيلُ فِيهَا الرُّكُوعَ) وَالسُّجُودَ (وَالْقِرَاءَةَ) وَالْأَدْعِيَةَ وَالْأَذْكَارَ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ النَّافِلَةِ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَهَا
ــ
[رد المحتار]
وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالْجَمَاعَةِ وَبِدُونِهَا، وَالْمُسْتَحَبُّ الْأَوَّلُ لَكِنْ إذَا صُلِّيَتْ بِجَمَاعَةٍ لَا يُقِيلُهَا إلَّا السُّلْطَانُ وَمَأْذُونُهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَكَوْنُ الْجَمَاعَةِ مُسْتَحَبَّةً فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ جَعْلِهَا شَرْطًا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْكُسُوفِ) فَلَوْ انْجَلَتْ لَمْ تُصَلَّ بَعْدَهُ، وَإِذَا انْجَلَى بَعْضُهَا جَازَ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ سَتَرَهَا سَحَابٌ أَوْ حَائِلٌ صَلَّى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَإِنْ غَرَبَتْ كَاسِفَةً أَمْسَكَ عَنْ الدُّعَاءِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا أَوْ أَكْثَرَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هُوَ الرَّكْعَتَانِ ثُمَّ الدُّعَاءُ إلَى أَنْ تَنْجَلِيَ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.
قُلْت: نَعَمْ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ لَوْ لَمْ يُقِمْهَا الْإِمَامُ صَلَّى النَّاسُ فُرَادَى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَذَلِكَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ أَيْ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ) وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَالْأَدِلَّةُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ وَقْتٍ مَكْرُوهٍ) لِأَنَّ النَّوَافِلَ لَا تُصَلَّى فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَهَذِهِ نَافِلَةٌ جَوْهَرَةٌ، وَمَا مَرَّ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ مَنْ جَعْلِهِ الْوَقْتَ مُسْتَحَبًّا قَالَ فِي الْبَحْرِ لَا يَصِحُّ. قَالَ ط وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْمُلْتَقَطِ إذَا انْكَسَفَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ نِصْفَ النَّهَارِ دَعَوْا وَلَمْ يُصَلُّوا (قَوْلُهُ بِلَا أَذَانٍ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالنَّفْلِ ط (قَوْلُهُ وَلَا جَهْرٍ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْهَرُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا خُطْبَةٍ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَلَا يَخْطُبُ عِنْدَنَا فِيهَا بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْكَافِي وَالْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا لَكِنْ فِي النَّظْمِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالِاتِّفَاقِ وَنَحْوُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَاضِي خَانْ اهـ وَعَلَى الثَّانِي يُبْتَنَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْعِيدِ مِنْ عَدِّ الْخُطَبِ عَشْرًا.
لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَا وَرَدَ مِنْ خُطْبَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ وَكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَإِنَّمَا كَانَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهَا كَسَفَتْ لِمَوْتِهِ لَا لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ لَهُ؛ وَلِذَا خَطَبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَهُ لَخَطَبَ قَبْلَهُ كَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ وَيُنَادَى إلَخْ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) بِنَصْبِهِمَا أَيْ اُحْضُرُوا الصَّلَاةَ فِي حَالِ كَوْنِهَا جَامِعَةً، وَرَفْعِهِمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَنَصْبِ الْأَوَّلِ مَفْعُولَ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَرَفْعِ الثَّانِي خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ جَامِعَةٌ وَعَكْسُهُ أَيْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ حَالَ كَوْنِهَا جَامِعَةً رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ لِيَجْتَمِعُوا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُونُوا اجْتَمَعُوا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيُطِيلُ فِيهَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالْقِرَاءَةَ) نَقَلَ ذَلِكَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ أَيْ لِوُرُودِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: فَيَقْرَأُ أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
وَالْإِطْلَاقُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ مَا أَحَبَّ فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ اهـ وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفُ الدُّعَاءِ وَبِالْعَكْسِ وَإِذَا خَفَّفَ أَحَدَهُمَا طَوَّلَ الْآخَرَ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْخُشُوعِ وَالْخَوْفِ إلَى انْجِلَاءِ الشَّمْسِ فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَقَدْ وُجِدَ جَوْهَرَةٌ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ وَلَوْ خَفَّفَهَا جَازَ، وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ السُّنَّةَ التَّطْوِيلُ، وَالْمَنْدُوبُ مُجَرَّدُ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ أَيْ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ النَّافِلَةِ) صِفَةٌ لِلتَّطْوِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَيُطِيلُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ وَالْأَذْكَارَ يَأْتِي بِهَا فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لَا تُشْرَعُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةُ فَلَمْ يَبْقَ فِي تَطْوِيلِهِمَا إلَّا زِيَادَةُ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الْأَدْعِيَةِ بَحْرٌ وَلَعَلَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الدُّعَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute