جَالِسًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَالْقَوْمُ يُؤَمِّنُونَ (حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْإِمَامُ) لِلْجُمُعَةِ (صَلَّى النَّاسُ فُرَادَى) فِي مَنَازِلِهِمْ تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ (كَالْخُسُوفِ) لِلْقَمَرِ (وَالرِّيحِ) الشَّدِيدَةِ (وَالظُّلْمَةِ) الْقَوِيَّةِ نَهَارًا وَالضَّوْءِ الْقَوِيِّ لَيْلًا (وَالْفَزَعِ) الْغَالِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْمَخُوفَةِ كَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَالثَّلْجِ وَالْمَطَرِ الدَّائِمَيْنِ وَعُمُومِ الْأَمْرَاضِ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: بِدْعَةٌ أَيْ حَسَنَةٌ، وَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ وَلَا عَكْسَ، وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْعَيْنِيِّ: صَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ: وَاخْتَارَ فِي الْأَسْرَارِ وُجُوبَهَا صَلَاةُ الْخُسُوفِ حَسَنَةٌ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ. وَفِي الْفَتْحِ: وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِنَانِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَلِذَا أَخَّرَهَا.
ــ
[رد المحتار]
قَبْلَهَا لِأَنَّهُ يَدْعُو فِيهَا كَمَا عَلِمْت تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَائِمًا) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا كَانَ حَسَنًا وَلَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ لِلدُّعَاءِ وَلَا يَخْرُجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ يُؤَمِّنُونَ) أَيْ عَلَى دُعَائِهِ (قَوْلُهُ كُلُّهَا) أَيْ الْمُرَادُ كَمَالُ الِانْجِلَاءِ لَا ابْتِدَاؤُهُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: صَلَّى النَّاسُ فُرَادَى) أَيْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالنِّسَاءُ يُصَلِّينَهَا فُرَادَى كَمَا فِي الْأَحْكَامِ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ فِي مَنَازِلِهِمْ) هَذَا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَوْ فِي مَسَاجِدِهِمْ عَلَى مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُحِيطِ إلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ) أَيْ فِتْنَةِ التَّقْدِيمِ وَالتَّقَدُّمِ وَالْمُنَازَعَةِ فِيهِمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنْ شَاءُوا دَعَوْا، وَلَمْ يُصَلُّوا غِيَاثِيَّةٌ، وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ سِرَاجِيَّةٌ كَذَا فِي الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ كَالْخُسُوفِ لِلْقَمَرِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ يُصَلُّونَ فُرَادَى سَوَاءٌ حَضَرَ الْإِمَامُ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ إسْمَاعِيلَ لِأَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّاهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْجَمَاعَةِ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَزَعِ) أَيْ الْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ بَحْرٌ وَدُرَرٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الدُّعَاءُ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ) أَيْ مِنْ عُمُومِ الْأَمْرَاضِ وَأَرَادَ بِالدُّعَاءِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ قَالَ فِي النَّهْرِ: فَإِذَا اجْتَمَعُوا صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا رَفْعَهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ حَوَادِثِ الْفَتْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ حَسَنَةٌ) كَذَا فِي النَّهْرِ.
قُلْت: وَالْبِدْعَةُ تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَيْسَ دُعَاءً بِرَفْعِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا أَثَرُهُ لَا عَيْنُهُ. اهـ.
قُلْت: عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا أَفْرَطَ وَأَضَرَّ كَالْمَطَرِ الدَّائِمِ مَعَ أَنَّ الْمَطَرَ رَحْمَةٌ. قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ: وَمِنْ أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ أَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ كَمُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ وَقَدْ ثَبَتَ سُؤَالُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْعَافِيَةَ مِنْهُ فَيَكُونُ دُعَاءً بِرَفْعِ الْمُنْشَأِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَبَاءَ اسْمٌ لِكُلِّ مَرَضٍ عَامٍّ نَهْرٌ، وَالطَّاعُونُ وَالْمَرَضُ الْعَامُّ بِسَبَبِ وَخْزِ الْجِنِّ ح، وَهَذَا بَيَانٌ لِدُخُولِ الطَّاعُونِ فِي عُمُومِ الْأَمْرَاضِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى الطَّاعُونِ بِخُصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ) أَيْ فِي أَوَاخِرِهَا، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْأَسْرَارِ وُجُوبَهَا) قُلْت: وَرَجَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ لِلْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّ الْعَامَّةَ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا تُوجَدُ بِعَارِضٍ لَكِنْ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ سُنَّةً وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ اهـ وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حَسَنَةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النَّدْبُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّهَا حَسَنَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا رَأَيْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَفْزَاعِ شَيْئًا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ صَلَاةُ الرِّيحِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا حَسَنَةٌ ح (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِنَانِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ فِي أَصْلِ مَشْرُوعِيَّتِهَا أَوْ كَوْنِهَا بِجَمَاعَةٍ كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَلِذَا أَخَّرَهَا) أَيْ وَقَدَّمَ مَا اُتُّفِقَ عَلَى اسْتِنَانِهِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالْحُضُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute