وَصِفَتُهَا فَرْضٌ لِلصَّلَاةِ وَوَاجِبٌ لِلطَّوَافِ، قِيلَ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُطَهَّرِينَ الْمَلَائِكَةُ، وَسُنَّةٌ لِلنَّوْمِ، وَمَنْدُوبٌ فِي نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا ذَكَرْتهَا فِي الْخَزَائِنِ: مِنْهَا بَعْدَ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَقَهْقَهَةٍ وَشِعْرٍ وَأَكْلِ جَزُورٍ
ــ
[رد المحتار]
لَيْسَ هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ التَّقَاطُرُ بِمُشْتَرَطٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ط. [تَنْبِيهٌ]
يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَقْدُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا، وَكَذَا مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ شُرُوطٌ لِلصِّحَّةِ وَبِالْعَكْسِ، إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَصِفَتُهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ.
(قَوْلُهُ: فَرْضٌ) أَيْ قَطْعِيٌّ ط.
(قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ) فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا ط.
(قَوْلُهُ: وَوَاجِبٌ) الْأَوْلَى وَاجِبَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِلْقَوْلِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ قِيلَ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ لَا فَرْضٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، فَلَمْ تَكُنْ قَطْعِيَّةَ الدَّلَالَةِ حَتَّى تُثْبِتَ الْفَرْضِيَّةَ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى - {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩]- قِيلَ إنَّهُ صِفَةٌ لِكِتَابٍ مَكْنُونٍ وَهُوَ اللَّوْحُ، وَقِيلَ صِفَةٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ وَهُوَ الْمُصْحَفُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ مِنْ الْمُطَهَّرِينَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ؛ لِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ عَنْ أَدْنَاسِ الذُّنُوبِ: أَيْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُمْ. وَعَلَى الثَّانِي الْمُرَادُ مِنْهُمْ النَّاسُ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِيهِ حَمْلَ الْمَسِّ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ وَاحْتِمَالُ غَيْرِهَا بِلَا دَلِيلٍ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ؛ إذْ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ دَلِيلٌ بِلَا احْتِمَالٍ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْقَطْعِيَّةَ، فَلِذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى اخْتِيَارِ الْقَوْلِ بِالْفَرْضِيَّةِ وَقَوَّاهُ الْمُحَشِّي الْحَلَبِيُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْفَرْضَ مَا قُطِعَ بِلُزُومِهِ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْوُضُوءَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ الْفَرْضِ الْعَمَلِيِّ، وَهُوَ أَقْوَى نَوْعَيْ الْوَاجِبِ وَأَضْعَفُ نَوْعَيْ الْفَرْضِ، فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّةٌ لِلنَّوْمِ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، لَكِنْ عَدَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَجَعَلَ الْأَنْوَاعَ ثَلَاثَةً فَلْيُحْفَظْ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
(قَوْلُهُ: فِي نَيِّفٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: النَّيِّفُ بِوَزْنِ الْهَيِّنِ الزِّيَادَةُ يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ، وَيُقَالُ عَشَرَةٌ وَنَيِّفٌ وَمِائَةٌ وَنَيِّفٌ، وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ فَهُوَ نَيِّفٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ اهـ ط.
(قَوْلُهُ: ذَكَرْتهَا فِي الْخَزَائِنِ) ذَكَرَهَا فِي مَكْرُوهَاتِ الْوُضُوءِ، فَمِنْهَا عِنْدَ اسْتِيقَاظٍ مِنْ نَوْمٍ، وَلِمُدَاوَمَةٍ عَلَيْهِ، وَلِلْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ إذَا تَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ، وَغُسْلُ مَيِّتٍ وَحَمْلُهُ، وَلِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَقَبْلَ غُسْلِ جَنَابَةٍ، وَلِجُنُبٍ عِنْدَ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَوَطْءٍ، وَلِغَضَبٍ وَقِرَاءَةٍ وَحَدِيثٍ وَرِوَايَتِهِ، وَدِرَاسَةِ عِلْمٍ، وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَلِخُطْبَةٍ وَلَوْ نِكَاحًا، وَزِيَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُقُوفٍ وَسَعْيٍ شُرُنْبُلَالِيٌّ، وَمَسِّ كُتُبٍ شَرْعِيَّةٍ تَعْظِيمًا لَهَا إمْدَادٌ وَسَيَجِيءُ، وَنَظَرٍ لِمَحَاسِنِ امْرَأَةٍ نَهْرٌ، وَلِمُطْلَقِ الذِّكْرِ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ الْمِيَاهِ، وَفِي ابْتِدَاءِ الْغُسْلِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَلِكُلِّ صَلَاةٍ لَوْ مُتَوَضِّئًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اغْتَابَ أَوْ كَذَبَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَيَمَّمَ وَنَوَى بِهِ رَفْعَ الْإِثْمِ فَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ، فَهِيَ مَعَ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ هُنَا نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ كَمَا ذَكَرَهُ أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ) لِأَنَّهُمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ؛ وَلِذَا يَخْرُجُ مِنْ الْكَاذِبِ نَتِنٌ يَتَبَاعَدُ مِنْهُ الْمَلِكُ الْحَافِظُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَكَذَا أَخْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رِيحٍ مُنْتِنَةٍ بِأَنَّهَا رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ النَّاسَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَلِإِلْفِ ذَلِكَ مِنَّا وَامْتِلَاءِ أُنُوفِنَا مِنْهَا لَا تَظْهَرُ لَنَا كَالسَّاكِنِ فِي مَحَلَّةِ الدَّبَّاغِينَ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ الْكَلَامُ عَلَى الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَمَا يُرَخَّصُ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَقَهْقَهَةٍ) لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ جِنَايَةٌ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَوْجَبَتْ نُقْصَانَ الطَّهَارَةِ خَارِجَهَا فَكَانَ الْوُضُوءُ مِنْهَا مُسْتَحَبًّا كَمَا ذَكَرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ فِي نِهَايَةِ الْمُرَادِ عَلَى هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ.
(قَوْلُهُ: وَشِعْرٍ) أَيْ قَبِيحٍ إمْدَادٌ وَقَدَّمْنَا بَيَانَ الْقَبِيحِ مِنْهُ وَغَيْرَ الْقَبِيحِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْ بَيَانِهِ نِهَايَةَ الْمُرَادِ فَعَلَيْهِ بِنِهَايَةِ الْمُرَادِ.
(قَوْلُهُ: وَأَكْلِ جَزُورٍ) أَيْ أَكْلِ لَحْمِ جَزُورٍ: أَيْ جَمَلٍ، لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِوُجُوبِ