وَلَا يَخْرُجُ الْكَفَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُتَبَرِّعِ
(وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) صِفَتُهَا (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهَا لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ قُنْيَةٌ (كَدَفْنِهِ) وَغُسْلِهِ وَتَجْهِيزِهِ فَإِنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.
(وَشَرْطُهَا) سِتَّةٌ (إسْلَامُ الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ) مَا لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ بِلَا غُسْلٍ، وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ أَوَّلًا اسْتِحْسَانًا
ــ
[رد المحتار]
مُضْطَرًّا إلَيْهِ لِبَرْدٍ أَوْ سَبَبٍ يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَاءٌ وَهُنَاكَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ لِعَطَشٍ قُدِّمَ عَلَى غُسْلِهِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ الْكَفَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُتَبَرِّعِ) حَتَّى لَوْ افْتَرَسَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ كَانَ لِلْمُتَبَرِّعِ لَا لِلْوَرَثَةِ نَهْرٌ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَهَبَهُ لَهُمْ كَمَا فِي الْأَحْكَامِ عَنْ الْمُحِيطِ.
مَطْلَبٌ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ
(قَوْلُهُ صِفَتُهَا إلَخْ) ذَكَرَ صِفَتَهَا وَشَرْطَهَا وَرُكْنَهَا وَسُنَنَهَا وَكَيْفِيَّتَهَا وَالْأَحَقَّ بِهَا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَسَبَبُ وُجُوبِهَا الْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَوَقْتُهَا وَقْتُ حُضُورِهِ؛ وَلِذَا قُدِّمَتْ عَلَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ وَيُفْسِدُهَا مَا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ إلَّا الْمُحَاذَاةَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَتُكْرَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ فِيهَا جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) وَمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَالْمُرَادُ الِافْتِرَاضُ بَحْرٌ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّظْمِ قِيلَ إنَّهَا سُنَّةٌ. اهـ.
قُلْت: يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِثُبُوتِهَا بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِجْمَاعَ سَنَدُهُ السُّنَّةُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَى كُلّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] فَقِيلَ إنَّهُ دَلِيلُ الْفَرْضِيَّةِ لَكِنْ رُدَّ كَمَا فِي النَّهْرِ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ لِلْمُتَصَدِّقِ. اهـ.
هَذَا، وَاسْتَشْكَلَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ وُجُوبَهَا بِسُقُوطِهَا بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، قَالَ: وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفِعْلُ لَا يَدْفَعُ الْوَارِدَ مِنْ لَفْظِ الْوُجُوبِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ صُدُورِ الْفِعْلِ مِنْهُمْ وَذَكَرَ شَارِحُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ أَنَّ سُقُوطَهَا بِفِعْلِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ: وَلَا يَحْضُرُنِي هَذَا مَنْقُولًا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِنَا وَإِنَّمَا ظَاهِرُ أُصُولِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ السُّقُوطِ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ قَرِيبًا
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهَا فَهِيَ شُرُوطُ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الْقُدْرَةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ مَعَ زِيَادَةِ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سِتَّةٌ) ثَلَاثَةٌ فِي الْمَتْنِ وَثَلَاثَةٌ فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَحُضُورُ الْمَيِّتِ، وَكَوْنُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّي، وَزَادَ أَيْضًا سَابِعًا: وَهُوَ بُلُوغُ الْإِمَامِ، ثُمَّ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَيِّتِ، وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْمُصَلِّي فَهِيَ شُرُوطُ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بَدَنًا وَثَوْبًا وَمَكَانًا وَالْحُكْمِيَّةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَالنِّيَّةِ سِوَى الْوَقْتِ (قَوْلُهُ إسْلَامُ الْمَيِّتِ) أَيْ وَلَوْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ لِلدَّارِ أَوْ لِلسَّابِي كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالْمَيِّتِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ وِلَادَتِهِ حَيًّا لَا لِبَغْيٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ مُكَابَرَةٍ فِي مِصْرٍ أَوْ قَتْلٍ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ قَتْلٍ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ) أَمَّا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ بِلَا غُسْلٍ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَفَسَّخَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ. هَذَا، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إذَا دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ صَحَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبِ التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ لِأَنَّهَا بِلَا غُسْلٍ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ رَمْلِيٌّ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا) أَيْ ثُمَّ تَذَّكَّرُوا أَنَّهُ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا)