وَفِي الْقُنْيَةِ الطَّهَارَةُ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي ثَوْبٍ وَبَدَنٍ وَمَكَانٍ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْإِمَامِ جَمِيعًا؛ فَلَوْ أَمَّ بِلَا طَهَارَةٍ وَالْقَوْمُ بِهَا أُعِيدَتْ وَبِعَكْسِهِ لَا كَمَا لَوْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَمَةً لِسُقُوطِ فَرْضِهَا بِوَاحِدٍ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ بُلُوغُ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ وَشَرْطُهَا أَيْضًا حُضُورُهُ (وَوَضْعُهُ) وَكَوْنُهُ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ (أَمَامَ الْمُصَلِّي) وَكَوْنُهُ لِلْقِبْلَةِ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِتَرْكِ الطَّهَارَةِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْآنَ زَالَ الْإِمْكَانُ وَسَقَطَتْ فَرِيضَةُ الْغُسْلِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْمِفْتَاحِ وَالْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى التَّجْرِيدِ إسْمَاعِيلُ، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة سُئِلَ قَاضِي خَانْ عَنْ طَهَارَةِ مَكَانِ الْمَيِّتِ هَلْ تُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؟ قَالَ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِلَّا فَلَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ، وَهَكَذَا أَجَابَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ اهـ. وَفِي ط عَنْ الْخِزَانَةِ إذَا تَنَجَّسَ الْكَفَنُ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ لَا يَضُرُّ دَفْعًا لِلْحَرَجِ بِخِلَافِ الْكَفَنِ الْمُتَنَجِّسِ ابْتِدَاءً. اهـ. وَكَذَا لَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُكَفَّنَ غُسِّلَ وَبَعْدَهُ لَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْغُسْلِ فَيُقَيَّدُ مَا فِي الْقُنْيَةِ بِغَيْرِ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ أُعِيدَتْ) لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهَا بِدُونِ الطَّهَارَةِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْقَوْمِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِهِ لَا) أَيْ لَا تُعَادُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ) أَيْ أَمَّتْ رَجُلًا فَإِنَّ صَلَاتَهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ فَرْضِهَا بِوَاحِدٍ) أَيْ بِشَخْصٍ وَاحِدٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمَسْأَلَةِ الْعَكْسِ وَمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ بُلُوغُ الْإِمَامِ) الْأَوْلَى ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الشُّرُوطِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ سَابِعٌ زَائِدٌ عَلَى السِّتَّةِ فَافْهَمْ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ بَحْثًا لَا نَقْلًا
مَطْلَبٌ هَلْ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ؟
قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: الصَّبِيُّ إذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ جَازَ وَإِذَا أَمَّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ، وَلَكِنْ يَشْكُلُ بِرَدِّ السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ فَرَدَّ صَبِيٌّ جَوَابَ السَّلَامِ. اهـ.
أَقُولُ: حَاصِلُهُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْ الْبَالِغِينَ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ لَمْ تَصِحَّ لِفَقْدِ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ بُلُوغُ الْإِمَامِ وَصَلَاتُهُ، وَإِنْ صَحَّتْ لِنَفْسِهِ لَا تَقَعُ فَرْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُمْ بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَوْ صَلَّتْ إمَامًا أَوْ وَحْدَهَا كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ السَّلَامِ، وَكَذَا جَوَازُ تَغْسِيلِهِ لِلْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ أَيْضًا، وَقَدَّمْنَا عَنْ التَّحْرِيرِ قَرِيبًا اسْتِشْكَالَ سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهِ. وَعَنْ شَارِحِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَأَنَّ ظَاهِرَ أُصُولِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ السُّقُوطِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى سُقُوطُهَا بِفِعْلِهَا كَرَدِّ السَّلَامِ، وَنَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ.
قُلْت: يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى أَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ إمَامًا، فَلَا يُنَافِي السُّقُوطَ بِفِعْلِهِ كَمَا فِي التَّغْسِيلِ وَرَدِّ السَّلَامِ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ، كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ حُضُورُهُ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ كَالنِّصْفِ مَعَ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَوَضْعُهُ) أَيْ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ عَلَى الْأَيْدِي قَرِيبًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّي) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ قَوْلِهِ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ حُضُورُهُ لِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ كَوْنِهِ خَلْفَهُ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ مُحَاذَاتِهِ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَكْثَرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ التُّحْفَةِ أَنَّ رُكْنَهَا الْقِيَامُ وَمُحَاذَاتُهُ إلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ اهـ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَقْرَبُ كَوْنُ الْمُحَاذَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute