للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَسْتَغْفِرُ فِيهَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمَعْتُوهٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ (بَلْ يَقُولُ بَعْدَ دُعَاءِ الْبَالِغِينَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا) بِفَتْحَتَيْنِ: أَيْ سَابِقًا إلَى الْحَوْضِ لِيُهَيِّئَ الْمَاءَ، وَهُوَ دُعَاءٌ لَهُ أَيْضًا بِتَقَدُّمِهِ فِي الْخَيْرِ، لَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالُوا: حَسَنَاتُ الصَّبِيِّ لَهُ لَا لِأَبَوَيْهِ بَلْ لَهُمَا ثَوَابُ التَّعْلِيمِ (وَاجْعَلْهُ ذُخْرًا) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، ذَخِيرَةً (وَشَافِعًا مُشَفَّعًا) مَقْبُولَ الشَّفَاعَةِ.

ــ

[رد المحتار]

ثَلَاثًا أُخْرَى وَهَكَذَا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ احْتَمَلَ أَنَّ أَرْبَعًا قَبْلَ السَّلَامِ هِيَ الْفَرَائِضُ الْأَصْلِيَّةُ وَأَنَّ مَا قَبْلَهَا زَائِدَةٌ غَلَطًا، وَاحْتَمَلَ أَنَّ أَرْبَعًا مِنْ الِابْتِدَاءِ هِيَ الْفَرَائِضُ الْأَصْلِيَّةُ وَمَا بَعْدَهَا زَائِدٌ غَلَطًا فَإِذَا نَوَى تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ قَدْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِلَا ضَرَرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَغْفِرُ فِيهَا لِصَبِيٍّ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ) هَذَا فِي الْأَصْلِيِّ فَإِنَّ الْجُنُونَ وَالْعَتَهَ الطَّارِئَيْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُسْقِطَانِ الذُّنُوبَ السَّالِفَةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ دُعَاءِ الْبَالِغِينَ) كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الدُّرَرِ وَفِي بَعْضِهَا بَدَلَ دُعَاءِ الْبَالِغِينَ: وَكَتَبَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ عَلَى نُسْخَةٍ بَعْدُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَمُنَاقِضَةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَسْتَغْفِرُ لِصَبِيٍّ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا تَصْحِيفٌ مِنْ بَدَلٍ. اهـ. وَقَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى مُتُونِ الْمَذْهَبِ وَالْفَتَاوَى وَصَرِيحِ غُرَرِ الْأَذْكَارِ الِاقْتِصَارُ فِي الطِّفْلِ عَلَى: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا إلَخْ. اهـ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ دُعَاءِ الْبَالِغِينَ أَصْلًا، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَقَدْ نَقَلَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِذَلِكَ الدُّعَاءُ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ " مَبْنِيٌّ عَلَى نُسْخَةٍ بَعْدُ مِنْ الدُّرَرِ فَتَدَبَّرْ.

هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْمَأْثُورِ فِي دُعَاءِ الْبَالِغِينَ مِنْ قَوْلِهِ وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ لَا يَسْتَغْفِرُ لِصَبِيٍّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَيْ سَابِقًا إلَخْ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا: أَيْ أَجْرًا يَتَقَدَّمُنَا، وَأَصْلُ الْفَارِطِ وَالْفَرَطِ فِيمَنْ يَتَقَدَّمُ الْوَارِدَةَ اهـ أَيْ مَنْ يَتَقَدَّمُ الْجَمَاعَةَ الْوَارِدَةَ إلَى الْمَاءِ لِيُهَيِّئَهُ لَهُمْ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، لِمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْأَنْسَبُ هُنَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ " وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا ". اهـ. قَالَ ط: وَاَلَّذِي فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ تَفْسِيرُهُ بِالْمُتَقَدِّمِ لِيُهَيِّئَ مَصَالِحَ وَالِدَيْهِ فِي دَارِ الْقَرَارِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ دُعَاءٌ لَهُ) أَيْ لِلصَّبِيِّ أَيْضًا: أَيْ كَمَا هُوَ دُعَاءٌ لِوَالِدَيْهِ وَلِلْمُصَلِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُهَيِّئُ الْمَاءَ لِدَفْعِ الظَّمَأِ أَوْ مَصَالِحِ وَالِدَيْهِ فِي دَارِ الْقَرَارِ إلَّا إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي الْخَيْرِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا دُعَاءٌ لِلْأَحْيَاءِ، وَلَا نَفْعَ لِلْمَيِّتِ فِيهِ ط (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالُوا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ حَسَنَاتُهُ: أَيْ ثَوَابُهَا لَهُ يَكُونُ أَهْلًا لِلْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دُعَاءً لَهُ أَيْضًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ يَوْمَ الْجَزَاءِ (قَوْلُهُ وَاجْعَلْهُ ذُخْرًا) فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا " وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهُ لَنَا ذُخْرًا " وَفِي الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ ذَخِيرَةً) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالذُّخْرِ الِاسْمُ: أَيْ مَا يَذْخَرُ لَا الْمَصْدَرُ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ اسْمًا وَمَصْدَرًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ ذَخَرَهُ كَمَنَعَهُ ذُخْرًا بِالضَّمِّ، وَادَّخَرَهُ: اخْتَارَهُ، أَوْ اتَّخَذَهُ. وَالذَّخِيرَةُ: مَا أَذْخَرَ كَالذُّخْرِ جَمْعُهُ أَذْخَارٌ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ: شَبَّهَ تَقَدُّمَهُ لِوَالِدَيْهِ بِشَيْءٍ نَفِيسٍ يَكُونُ أَمَامَهُمَا مُدَّخَرًا إلَى وَقْتِ حَاجَتِهِمَا لَهُ بِشَفَاعَتِهِ لَهُمَا كَمَا صَحَّ. اهـ. (قَوْلُهُ مَقْبُولَ الشَّفَاعَةِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُشَفَّعًا بِالْبِنَاءِ الْمَجْهُولِ. [تَتِمَّةٌ]

فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يَقُولُ " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ فَرَطًا وَسَلَفًا وَذُخْرًا وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ " ط.

أَقُولُ: رَأَيْت ذَلِكَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنْ بِإِبْدَالِ قَوْلِهِ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَهَذَا أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>