للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُكْرَهُ بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِيهَا عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

وَأَفْضَلُ صُفُوفِهَا آخِرُهَا إظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ (وَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ خَمْسًا لَمْ يَتْبَعْ) لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ (فَيَمْكُثُ الْمُؤْتَمُّ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ إذَا سَلَّمَ) بِهِ يُفْتَى، هَذَا إذَا سَمِعَ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَوْ مِنْ الْمُبَلِّغِ تَابَعَهُ، وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَكَذَا فِي الْعِيدِ

ــ

[رد المحتار]

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَقُومُ مَقَامَ الثَّنَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ بَعْدَ الْأُولَى التَّحْمِيدُ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ وَالْمُحِيطِ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ والتتارخانية. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَقَوْلُ الْقُنْيَةِ: لَوْ قَرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ جَازَ أَيْ لَوْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْقُنْيَةِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا عَارَضَهُ غَيْرُهُ، فَقَوْلُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: إنَّهُ نَصَّ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَتِهَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَا عَلِمْته، وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُ مُنْلَا عَلَى الْقَارِئِ أَيْضًا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ عِنْدَهُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ وَيَرْتَكِبَ مَكْرُوهَ مَذْهَبِهِ لِيُرَاعِيَ مَذْهَبَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ

(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ صُفُوفِهَا آخِرُهَا إلَخْ) كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْحِلْيَةِ بِإِطْلَاقِ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا» وَبِأَنَّ إظْهَارَ التَّوَاضُعِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّأَخُّرِ. اهـ.

أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْحَدِيثَ مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرَةُ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ غُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَفَّ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ، حَتَّى لَوْ كَانُوا سَبْعَةً يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ لِلْإِمَامَةِ، وَيَقِفُ وَرَاءَهُ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ اثْنَانِ ثُمَّ وَاحِدٌ. اهـ. فَلَوْ كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ فِي الْجِنَازَةِ أَيْضًا لَكَانَ الْأَفْضَلُ جَعْلَهُمْ صَفًّا وَاحِدًا وَلَكُرِهَ قِيَامُ الْوَاحِدِ وَحْدَهُ كَمَا كُرِهَ فِي غَيْرِهَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) لِأَنَّ الْآثَارَ اخْتَلَفَتْ فِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَرُوِيَ الْخَمْسُ وَالسَّبْعُ وَالتِّسْعُ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا «أَنَّ آخِرَ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» فَكَانَ نَاسِخًا لِمَا قَبْلَهُ ح عَنْ الْإِمْدَادِ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ كَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَثَبَتَ عَلَيْهَا إلَى أَنْ تُوُفِّيَ» فَنَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا ط (قَوْلُهُ فَيَمْكُثُ الْمُؤْتَمُّ إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُمْ لَمْ يَتْبَعْ صَادِقًا بِالْقَطْعِ وَبِالِانْتِظَارِ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهُ ط (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) رَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْبَقَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَيْسَ بِخَطَأٍ مُطْلَقًا إنَّمَا الْخَطَأُ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي الْخَامِسَةِ بَحْرٌ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ لِلْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ ط (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ ط.

(قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ إلَخْ) لِجَوَازِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ لِلِافْتِتَاحِ الْآنَ، وَأَخْطَأَ الْمُبَلِّغُ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَكِّيِّ بِصِيغَةِ قَالُوا، وَنَقَلَهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِصِيغَةِ قِيلَ، وَكِلَا الصِّيغَتَيْنِ مُشْعِرٌ بِالضَّعْفِ؛ كَيْفَ وَهُوَ لَا وَجْهَ لَهُ يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْوِي الِافْتِتَاحَ بِمَا زَادَ عَلَى الرَّابِعَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَلَزِمَ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهَا بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أُخَرَ لِأَنَّ نِيَّةَ الِافْتِتَاحِ لِتَصْحِيحِ صَلَاتِهِ بِاحْتِمَالِ خَطَأِ الْمُبَلِّغِ، وَلَا صِحَّةَ لَهَا إلَّا بِثَلَاثٍ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا أَرْكَانٌ، وَإِلَّا كَانَتْ نِيَّتُهُ لَغْوًا فَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ جَمِيعَ التَّكْبِيرَاتِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُبَلِّغَ يَزِيدُ عَلَى الرَّابِعَةِ حَتَّى يَنْوِيَ الِافْتِتَاحَ بِالْجَمِيعِ، فَإِنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ إنَّمَا ظَهَرَ وَقْتَ الزِّيَادَةِ؟ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَهَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الِافْتِتَاحَ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُبَلِّغُ شَيْئًا، وَأَنَّهُ يَأْتِي بَعْدَ الرَّابِعَةِ بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ النِّيَّةِ فَائِدَةٌ، وَأَنَّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَأْتِي بِتَكْبِيرَةٍ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ خَطَأِ الْمُبَلِّغِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي بَابِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّهُ إذَا زَادَ خَامِسَةً مَثَلًا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ التَّحْرِيمَةَ وَأَنَّهُ سَيُكَبِّرُ بَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>