لِأَنَّهُ كَالْمُدْرِكِ ثُمَّ يُكَبِّرَانِ مَا فَاتَهُمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ نَسَقًا بِلَا دُعَاءٍ إنْ خَشِيَا رَفْعَ الْمَيِّتِ عَلَى الْأَعْنَاقِ. وَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّ الْمُدْرِكَ يُكَبِّرُ الْكُلَّ لِلْحَالِ شَاذٌّ نَهْرٌ (فَلَوْ جَاءَ) الْمَسْبُوقُ (بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ لِرَابِعَةٍ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ) لِتَعَذُّرِ الدُّخُولِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَدْخُلُ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ كَبَّرَ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْحَاضِرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ.
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَهُمَا، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ غَيْرُ قَيْدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ كَبَّرَ الْأَرْبَعَ وَالرَّجُلُ الْحَاضِرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُدْرِكًا لَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ عَنْ قَاضِي خَانْ وَالْآتِي عَقِبَهُ عَنْ الْفَتْحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْمُدْرِكِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُدْرِكٍ حَقِيقَةً بَلْ اُعْتُبِرَ مُدْرِكًا لِحُضُورِهِ التَّكْبِيرَ دَفْعًا لِلْحَرَجِ؛ إذْ حَقِيقَةُ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِفِعْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَوْ شَرَطَ فِي التَّكْبِيرِ الْمَعِيَّةَ ضَاقَ الْأَمْرُ جِدًّا؛ إذْ الْغَالِبُ تَأَخُّرُ النِّيَّةِ قَلِيلًا عَنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ مُدْرِكًا لِحُضُورِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يُكَبِّرَانِ إلَخْ) أَيْ الْمَسْبُوقُ وَالْحَاضِرُ، وَقَوْلُهُ: مَا فَاتَهُمَا فِيهِ خَفَاءٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاضِرِ فِي كَلَامِهِ الْحَاضِرُ فِي حَالِ التَّحْرِيمَةِ، فَإِذَا أَتَى بِهَا لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا إذَا حَضَرَ أَكْثَرَ مِنْ تَكْبِيرَةٍ فَكَبَّرَ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ السَّلَامِ مَا فَاتَهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَأَمَّلْ. وَاحْتُرِزَ عَنْ اللَّاحِقِ كَأَنْ كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّابِعَةَ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَالنَّهْرِ.
هَذَا، وَفِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَشَرْحِهِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُوَافِقُ إمَامَهُ فِي دُعَائِهِ لَوْ عَلِمَهُ بِسَمَاعِهِ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ الْمُوَافَقَةُ بِالْعِلْمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مَثَلًا يَأْتِي بِهِ مُرَتَّبًا: أَيْ بِالثَّنَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ نَسَقًا) بِالتَّحْرِيكِ: أَيْ مُتَتَابِعَةً. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَتْرَى، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَعْنَاقِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَعْنَاقِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ بَلْ يُكَبِّرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَتْ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ يُكَبِّرُ، وَإِلَّا فَلَا مِعْرَاجٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتْحِ.
وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهَا لَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ لَا يُكَبِّرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى أَيْدِي النَّاسِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّ الْمُدْرِكَ) أَيْ الْحَاضِرَ، وَسَمَّاهُ مُدْرِكًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ كَمَا مَرَّ. وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى: رَجُلٌ وَاقِفٌ حَيْثُ يَجْزِيهِ الدُّخُولُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَلَمْ يُكَبِّرْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مَا لَمْ يُكَبِّرْ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ كَبَّرَ كَبَّرَ مَعَهُ وَقَضَى الْأُولَى فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُكَبِّرْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يُكَبِّرُ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ فِي الْحَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ شَاذٌّ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَاءَ إلَخْ) هَذَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الدُّخُولِ إلَخْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ لِيُكَبِّرَ مَعَهُ وَبَعْدَ الرَّابِعَةِ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْإِمَامِ تَكْبِيرٌ حَتَّى يَنْتَظِرَهُ لِيُتَابِعَهُ فِيهِ. قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ عِنْدَهُمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَدْخُلُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّابِعَةِ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الدُّخُولُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَدْخُلُ إذَا بَقِيَتْ التَّحْرِيمَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَاضِرِ) أَيْ فِي وَقْتِ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ فَقَطْ أَوْ التَّكْبِيرَاتِ كُلِّهَا وَلَمْ يُكَبِّرْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَأَشَارَ بِالتَّشْبِيهِ تَبَعًا لِلْبَدَائِعِ إلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحَاضِرِ اتِّفَاقِيَّةٌ، وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute