ثُمَّ خَلِيفَتُهُ ثُمَّ خَلِيفَةُ الْقَاضِي (ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ) فِيهِ إيهَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوُلَاةِ وَاجِبٌ، وَتَقْدِيمُ إمَامِ الْحَيِّ مَنْدُوبٌ فَقَطْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَلِيِّ، وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ أَوْلَى كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ. وَفِي الدِّرَايَةِ: إمَامُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَوْلَى مِنْ إمَامِ الْحَيِّ: أَيْ مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ نَهْرٌ (ثُمَّ الْوَلِيُّ) بِتَرْتِيبِ عُصُوبَةِ الْإِنْكَاحِ إلَّا الْأَبَ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ ثُمَّ خَلِيفَتُهُ) كَذَا فِي الْبَحْرِ: أَيْ خَلِيفَةُ صَاحِبِ الشَّرَطِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ قَدَّمَ الْقَاضِيَ عَلَى صَاحِبِ الشَّرَطِ كَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ خَلِيفَتِهِ عَلَى خَلِيفَةِ صَاحِبِ الشَّرَطِ؛ فَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ الْفَتْحِ، ثُمَّ خَلِيفَةُ الْوَالِي، ثُمَّ خَلِيفَةُ الْقَاضِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ) أَيْ الطَّائِفَةِ وَهُوَ إمَامُ الْمَسْجِدِ الْخَاصِّ بِالْمَحَلَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَيِّتَ رَضِيَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: فَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ رَاضٍ بِهِ حَالَ حَيَاتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسْتَحَبَّ تَقْدِيمُهُ. اهـ. قُلْت: هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ كَانَ عَدَمُ رِضَاهُ بِهِ لِوَجْهٍ صَحِيحٍ، وَإِلَّا فَلَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِيهِ إيهَامٌ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيهَامُ التَّسْوِيَةِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْمَذْكُورِينَ، لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي الذِّكْرِ لَا يُوجِبُ الِاتِّحَادَ فِي الْحُكْمِ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ تَعْظِيمُ أُولِي الْأَمْرِ وَاجِبٌ
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوُلَاةِ وَاجِبٌ) لِأَنَّ فِي التَّقْدِيمِ عَلَيْهِمْ ازْدِرَاءً بِهِمْ، وَتَعْظِيمُ أُولِي الْأَمْرِ وَاجِبٌ، كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَصَرَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْإِيضَاحِ وَغَيْرِهِمَا بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ السُّلْطَانِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمَنْبَعِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ نَائِبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَيَكُونُ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إلَخْ) نَقَلَ هَذَا الشَّرْطَ فِي الْحِلْيَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إمَامُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ) عَبَّرَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِإِمَامِ الْجُمُعَةِ. [تَنْبِيهٌ]
وَأَمَّا إمَامُ مُصَلِّي الْجِنَازَةِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَجَعَلَ لَهُ مَعْلُومًا مِنْ وَقْفِهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ كَإِمَامِ الْحَيِّ أَمْ لَا لِلْقَطْعِ بِأَنَّ عِلَّةَ الرِّضَا بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ فِي حَيَاتِهِ خَاصَّةً بِإِمَامِ الْمَحَلَّةِ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مُقَرَّرًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فَهُوَ كَنَائِبِهِ، وَإِنْ مِنْ جِهَةِ النَّاظِرِ فَكَالْأَجْنَبِيِّ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَخَالَفَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ تَقْدِيمِ الرَّاتِبِ عَلَى إمَامِ الْحَيِّ يَقْتَضِي تَقْدِيمَهُ هُنَا عَلَيْهِ. وَاسْتَظْهَرَ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجْعَلُ لِلْغُرَبَاءِ، وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
أَقُولُ: وَهَذَا أَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْحَقَّ لِلْوَلِيِّ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ عَلَيْهِ الْوُلَاةَ وَإِمَامَ الْحَيِّ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا، وَتَقْرِيرُ الْقَاضِي لَهُ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَظِيفَةِ لَا لِجَعْلِهِ نَائِبًا عَنْهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَرَّرَهُ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ إمَامَةٍ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى إمَامِ الْحَيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَهُ لِلصَّلَاةِ خَلْفَهُ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ الرَّاتِبِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْوَالِي) أَيْ وَلِيُّ الْمَيِّتِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَلَا وِلَايَةَ لِامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَعْتُوهٍ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: الْأَصْلُ أَنَّ الْحَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلْوَلِيِّ؛ وَلِذَا قُدِّمَ عَلَى الْجَمِيعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوِلَايَةِ كَالْإِنْكَاحِ إلَّا أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ تَقَدُّمُ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ قَدَّمَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ وَقَالَ: لَوْلَا السُّنَّةُ لَمَا قَدَّمْتُكَ وَكَانَ سَعِيدٌ وَالِيًا بِالْمَدِينَةِ؛ وَلِمَا مَرَّ مِنْ الْوَجْهِ فِي تَقْدِيمِ الْوُلَاةِ وَإِمَامِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ بِتَرْتِيبِ عُصُوبَةِ الْإِنْكَاحِ) فَلَا وِلَايَةَ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِلزَّوْجِ إلَّا أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. وَفِي الْكَلَامِ رَمْزٌ إلَى أَنَّ الْأَبْعَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute