للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا وَالْأَبُ جَاهِلًا فَالِابْنُ أَوْلَى. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالزَّوْجُ ثُمَّ الْجِيرَانُ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ ابْنِهِ الْحُرِّ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ

(وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ.

ــ

[رد المحتار]

أَحَقُّ مِنْ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ. وَحَدُّ الْغَيْبَةِ هُنَا أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ إذَا حَضَرَ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. زَادَ فِي الْبَحْرِ وَأَنْ لَا يَنْتَظِرَ النَّاسُ قُدُومَهُ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ دَاخِلُونَ فِي الْوِلَايَةِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعُصُوبَةِ لِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ فَقَطْ. فَهُمْ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ الْهِدَايَةِ بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ اتِّفَاقًا) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ لِلْأَبِ فَضِيلَةً عَلَيْهِ وَزِيَادَةَ سِنٍّ، وَالْفَضِيلَةُ وَالزِّيَادَةُ تُعْتَبَرُ تَرْجِيحًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَعِنْدَهُمَا الِابْنُ أَوْلَى. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا الْأَسَنَّ بِالسُّنَّةِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ الْقَسَامَةِ «لِيَتَكَلَّمْ أَكْبَرُهُمَا» وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَقَّ لِلِابْنِ عِنْدَهُمَا إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُقَدِّمَ هُوَ أَبَاهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: سَائِرُ الْقَرَابَاتِ أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا ابْنٌ، فَإِنْ كَانَ فَالزَّوْجُ أَوْلَى مِنْهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلِابْنِ، وَهُوَ يُقَدِّمُ أَبَاهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ. اهـ. وَفِي الْبَدَائِعِ وَلِلِابْنِ فِي حُكْمِ الْوِلَايَةِ أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ عَنْ التَّقَدُّمِ لِئَلَّا يَسْتَخِفَّ بِأَبِيهِ فَلَمْ تَسْقُطْ وِلَايَتُهُ بِالتَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ كَانَ الْأَبُ جَاهِلًا وَالِابْنُ عَالِمًا يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الِابْنَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ لَا تُوجِبُ التَّقْدِيمَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لَهُ. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْحَيِّ إنَّمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَفْضَلَ، قَالَ: نَعَمْ، عَلَّلَ الْقُدُورِيُّ كَرَاهَةَ تَقَدُّمِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ بِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِهِ، وَهَذَا يَقْضِي وُجُوبَ تَقْدِيمِهِ مُطْلَقًا. اهـ. قُلْت: وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَالِابْنُ أَوْلَى) فِي نُسْخَةٍ: وَالْأَسَنُّ أَوْلَى وَعَلَيْهَا كَتَبَ الْمُحَشِّي فَقَالَ: أَيْ إذَا حَصَلَتْ الْمُسَاوَاةُ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُرْبِ وَالْقُوَّةِ كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ فَالْأَسَنُّ أَوْلَى.

أَقُولُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْأَسَنِّ أَفْضَلَ اهـ أَيْ قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيمِ الِابْنِ الْأَفْضَلِ عَلَى أَبِيهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى، فَلَوْ كَانَ الْأَصْغَرُ شَقِيقًا وَالْأَكْبَرُ لِأَبٍ فَالْأَصْغَرُ أَوْلَى كَمَا فِي الْمِيرَاثِ؛ حَتَّى لَوْ قُدِّمَ أَحَدٌ فَلَيْسَ لِلْأَكْبَرِ مَنْعُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَالزَّوْجُ ثُمَّ الْجِيرَانُ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. فَمَا هُنَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ النَّهْرِ وَالزَّوْجُ، وَالْجِيرَانُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ اهـ وَشَمِلَ الْوَلِيُّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنَهُ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَإِنَّهُمْ أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمَوْتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَمَوْلَى الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ ابْنِهِ الْحُرِّ) وَكَذَا مِنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالسَّيِّدُ أَوْلَى مِنْ قَرِيبِ عَبْدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْ السَّيِّدِ الْمُعْتِقِ اهـ فَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْعَبْدِ وَأَبَاهُ أَحَقُّ مِنْ الْمَوْلَى عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ) اُعْتُرِضَ بِمَا فِي شَرْحِ الْهَامِلِيَّةِ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ، وَلَا أُمَّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرَتَهُ لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهُنَّ بِالْمَوْتِ. اهـ.

أَقُولُ: لِأَنَّ الْجُثَّةَ الْمَيِّتَةَ لَا تَقْبَلُ الْمِلْكَ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بَقَاءُ الْمِلْكِ حُكْمًا كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ، وَلِذَا يَلْزَمُهُ تَكْفِينُ عَبْدِهِ كَالزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَالتَّغْسِيلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ الْمَحْذُورَيْنِ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْمِلْكُ الْحُكْمِيُّ لِضَعْفِهِ فَفَارَقَ التَّكْفِينَ وَوِلَايَةَ الصَّلَاةِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ) عَزَاهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ إلَى الْمُضْمَرَاتِ: أَيْ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ، أَوْ بِأَنْ يُغَسِّلَهُ فُلَانٌ لَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ. وَكَذَا تَبْطُلُ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِ كَذَا أَوْ يُدْفَنَ فِي مَوْضِعِ كَذَا كَمَا عَزَاهُ إلَى الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّ تَعْلِيلَ تَقْدِيمِ إمَامِ الْحَيِّ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ رَضِيَهُ فِي حَيَاتِهِ يُعْلِمُ أَنَّ الْمُوصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>